الصواب والتحرير ، نبل في الفقه النفيس ، على سنن إمامنا الاعظم ابن إدريس ، واخذ من العربية حظا وافرا ، ومن علم الخليل كاملا ووافرا ، يقدم كتابه على كل جليس ، ويأنس به حيث لا أنيس ، لا يبخل بالإفادة ، ولا يستنكف عن الاستفادة ، ولا يرغب عن قليل من العلم ، بل يذهب في كثير من الحلم ، خلقه رضيّ باهي ، وخلقه وضيء زاهي ، وورعه شديد بلامين ، ودينه سديد بلامين ، اشتغاله بالتلاوة حين الفراغ من الطلب ، وبالتهجد إذا الغاسق قد وقب ، ينشد لسان حاله ، حين ذكر الشعر وأوحاله :
تركت الشعر واستبدلت منه |
|
إذا داعي صلاة الصبح قاما |
كتاب الله ليس له شريك |
|
وودعت المدامة والندامى |
وإذا ارتجل منطيق وتقدم ، يقول : إذا كان مدح فالنسيب المقدم (١). ولما افتتن بغرر أهل الشام ، عارضهم بلسان الوجد والغرام ، سالكا مسلك من قبله ، فلله ما أغزر طله وبله :
يا من تسامى دلالا |
|
ومن تحالى ومرا |
ومن بدا شمس دجن |
|
ضاء الحوالك دهرا |
ومن تثنى قواما |
|
للغصن حاكى وأزرى |
أنت الحبيب المفدى |
|
فاسمع نصوحا مبرا |
قم في الدجى وتضرع |
|
لله سرا وجهرا |
واندب ذنوبا توالت |
|
ونب وتب واستمرا |
واخضع لربك ذلا |
|
واطرح فخارا وكبرا |
وانظر لمن قد تعامى |
|
من قوم عاد وكسرى |
وقول فرعون دعه |
|
أليس لي ملك مصرا |
ومنهم السيد عبد القادر أفندي حسبي زاده ، فقيه نظار ، وأديب مكثار ، وماهر لوذعي ، ومحاضر ألمعي ، ونحوي مستقيم اللسان ، وصرفي بطرق التمرين ملسان ، إذا زين به جيد سيبويه ، فما شب عمرو عن الطوق ، وإذا قيس به خالويه ، كان مقامه فوق الفوق ، فألفاظه صوادح البلابل ، ومعانيه نفثات بابل ، وذاته كاملة الظرف ، إلا أنه أفعم
__________________
(١) هو صدر بيت للمتنبي ، وعجزه : أكل فصيح قال شعرا متيم.