ومنهم الخل الأمجد ، صديقنا الشيخ أحمد ، المعروف بالأشرفي الصحّاف ، أمده الله من فضله بعوائد الألطاف ، خل موافق ، وصديق صادق ، وسمح بالمودة على من صافاه ، وطوع في الزيارة والموافاه. مصاحب إلى طرق الخير والأمانة ، ومجانب عن سبل السوء والخيانة ، مطيب الأنفاس بلطافة قوله ، ومحبب إلى الناس بحسن صنيعه وفعله ، راغب في الطلب والاشتغال ، ذاهب إلى تقوى الله على كل حال ، حافظ كلام ربه ، ملاحظ له بعين قلبه ، لسانه شهد جنّي ، وقلبه قلب هنّي ، كأنه انطبع على مكارم الأخلاق ، واجتمع أمره على المواخاة والوفاق. لزم جماعة العلماء ، فأخذ من العلم نصيبا وافيا ، وقدم على خدمة الصلحاء ، فاجتنى من أخلاقهم مشربا صافيا ، تمرن على الفقه واللسان ، وتفنن بالعربية والبيان. وأما نظره في الشعر فليس من الغرض ، بل يتكلم فيه ثانيا وبالعرض. وهذه أبياته المتوجة بالحلي ، وخمرته المبتهجة لكل مجتلي :
صادفت ريما تثنى |
|
وبالنفائس يشرى |
بكامل الحسن يجلى |
|
ويعذب الريق سكرا |
وأعين فاتكات |
|
به رمتني قسرا |
ووجنة حار فيها |
|
كل امرىء ذاق هجرا |
في ليلة الوصل أمسى |
|
يتيه إذ مد شعرا |
ناديته صل معنى |
|
لا ينثني عنك دهرا |
ودع مقال عنيد |
|
أليس لي ملك مصرا |
ومنهم الفقير المحفوف بعوائد الألطاف ، السيد عبد الله العطائي الصحاف ، وأحد خضمهم ، وناظر أشمهم ، مادح مآثرهم الباقية ، وصادح منابرهم الراقية ، من هو حرف لحق لإفادة الحصر ، أو واو زيد في الهجاء يوما بعمرو ، كلف همته شيئا صعبا ، وطمع أن يقاوم فكره صارما عضبا ، واشرأبت نفسه أن يصل إلى مطلع ذكاء ، أو يصعد على متن الجوزاء. وينشده المقام ، حين عز المقام :
أوردها سعد وسعد مشتمل |
|
ما هكذا يا سعد تورد الإبل (١) |
وربما ينظّر ببعض الكروان ، ترائي شمس الميزان ، والظليم يسمع ويروى. فقال القائل :
__________________
(١) البيت لنوار بنت جلّ بن عديّ زوجة مالك بن زيد مناة بن تميم.