وذلك في ٢٨ شباط من هذه السنة ، وغاية ما يمكنني إثباته هنا هو نتيجة ما عثرت عليه بعد التحري من قيود المحاكم الشرعية وأوراق منسوخة من أصلها بقيت بأيدي البعض من أفراد العائلة نظرا لاحتياجهم إليها ، وكذا خلاصة ما علق بالذاكرة مما نقله لنا السلف وجرى ذكره في حياة والدي. ويمكنني أن أذكر لكم أول جد وقفت على اسمه من هذه القيود وتلك الأوراق التي وقعت بين يدي. أما من كان قبله من الأجداد فليس في الوسع أن أتعرض لذكرهم لأن يد الدهر قد طمست أخبارهم وذهبت بآثارهم وأحوالهم.
والذي كنت أسمعه من والدي المرحوم نقلا عن والده عن أجدادنا أن أول أجدادنا الذي قطن حلب كان ذا سطوة ونفوذ في نواحي هذه البلاد تجاوز بهما اللازم ، فاهتمت الدولة العثمانية بأمره وتداركت الأمر باسترضاء بعض أقاربه وإقطاعهم مقاطعاته وإسناد الزعامة إليه ، وبهذه الوسيلة توقفت لإلقاء القبض عليه بسهولة ونفته إلى حلب وصادرت أملاكه وأمواله وضبطت مقاطعاته وعوضته عن كل ذلك بتخصيص ثلاثة آلاف دينار في السنة على شرط أن يتناولها من بعده أولاده وأحفاده ، وهكذا كان ، فإن أجدادنا لعهد قريب كانوا يتقاضونها ، ثم صارت الدولة تنتقص منها شيئا بعد شيء إلى أن ألغتها بتاتا.
أما ذاك الجد واسمه وتاريخ نفيه وتعيين موطنه السابق واسم نواحيه التي كان زعيمها ورئيسها فهو مما غاب عنا الآن ، ولا يهدينا لحقيقته إلا قيود الدولة وسجلاتها ، وذلك وإن يكن غير مستحيل وبدائرة الإمكان إلا أنه صعب الحصول ويحتاج للنقد والوقت.
وأول من نعرفه من أجدادنا هو عبد الباقي آغا ، فقد جاء في سجل وقف حفيده (المترجم) المسجل بتاريخ سنة ١١٦٨ للهجرة ما نصه : حضر بمجلس الشرع الأنور السيد الحاج ناصر جلبي ابن المرحوم السيد عبد القادر آغا ابن المرحوم السيد عبد الباقي زاده وقرر إلخ ما ذكره في كتاب وقفه ، فيكون الموما إليه عبد الباقي آغا أول جد أثبته لنا التاريخ.
أما ناصر جلبي فقد كان من ذوي الثروة والوجاهة في حلب ، ويقف بنا العلم عند هذا الحد ولا نقدر أن نعين مولده ووفاته ، وغاية ما نقول أنه صاحب الوقف الأول المسجل سنة ١١٦٨ كما مر ذكره ، وعلى طريق الظن أن وفاته كانت حول سنة ١١٧٥. ووقفه غريب في بابه حيث شرط مساواة أولاد الإناث من الأجانب بأولاد الذكور العصبة لا