وكان رحمهالله غيورا على الطلبة حريصا على استفادتهم ، يتمنى أن لو كان العلم لقمة سائغة يضعها في فم الطالب في جلسة واحدة.
ولما رأى السيد محمد راجي ابن السيد علي بيازيد أحد كبراء تجار حلب ومن مشاهير أعيانها وأجوادها أن تمام الانتفاع من فضائل الأستاذ إنما يتحقق بواسطة مدرسة يقيم فيها الطلاب وينقطعون فيها للطلب بنى في مسجد أشقتمر المعروف الآن بجامع السكاكيني في محلة القصيلة ست حجرات في مصيف كان هناك في الجهة الشمالية ، وجعل أكبرها لإقامة حضرة الأستاذ والباقين للطلبة. وكان الحاج محمد راجي المذكور يقدم للطلبة المجاورين طعام الغداء والعشاء ، ويعطي لكل واحد منهم ثلاثين قرشا مشاهرة وكسوة في الصيف وكسوة في الشتاء ، ويصطنع لهم الولائم في المواسم وفي كل ليلة من شهر رمضان ، ويدر عليهم إحساناته ، ويقدم لحضرة الأستاذ رحمهالله كفايته من المؤونة والأقمشة والنقود ، وانهالت عليه الهدايا والوظائف انهيال السيل في الليل ، فكان يصرفها في سبيل بر تلامذته.
ولم يزل على هذه الحالة إلى أن توفي يوم الاثنين في الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة ١٢٧١ ، ودفن في مقبرة الشيخ جاكير بجانب قبة الفتياني ، وشيع جنازته ألوف من الناس ، وتخرج على يده في برهة ست سنوات كثير من العلماء والفضلاء ، منهم الشيخ أحمد الكواكبي والشيخ أحمد الزويتيني والشيخ طاهر الطيار الكيالي وأخوه الشيخ عبد الرؤوف والشيخ محمد الخياط والشيخ علي ناصر وغيرهم.
وألف رحمهالله عدة مؤلفات ، منها رسالة في المجاز ، ومنظومة من بحر الرجز ذكر فيها فضائل رمضان وسماها «منحة الرحمن في فضائل رمضان» وسمى شرحها «عطايا المنان» ومطلعها :
يقول راجي عفو ذي الجلال |
|
حسين الغزي نجل البالي |
حمدا لمن فضّل شهر الصوم |
|
على الشهور عند كل القوم |
ومنها بعض كراريس في شرح سلم المنطق ، ورسالة مختصرة في التوحيد (وهي موجودة في مكتبة محمود أفندي الجزار التي كانت موضوعة في الجامع الكبير) ، ورسالة في إعراب لا سيما وإعراب لا أبا لزيد ، ومسائل متفرقة من مشكلات علم النحو