قعوده ، فشكى له صعوبة هذه الصنعة وعجزه عن تعلمها ، فأخذه ووضعه في صنعة البصمجي (صبغ الشاش بالألوان) عند الحاج محمد الطباخ أخي سيدي الجد الشيخ هاشم ، فبعد أيام أتى إلى أخيه وشكى له من هذه الصنعة أيضا لما فيها من كثرة الدخان ، وصادف دخول رمضان فحسّن له شيخ الزاوية الهلالية الشيخ محمد الهلالي رحمهالله أن يتعلم قراءة القرآن وقد ناهزت سنه ١٥ ، فأكب على ذلك في حينه ، ولم يمض رمضان إلا وقد تعلم بعض أجزاء من القرآن ، وفي قليل من الزمن أتم تعلمه ، ولما شاهد منه أخوه هذا الذكاء أخذه إلى مدرسة القرناصية ووضعه عند مدرسها الشيخ محمد الخانطوماني ، فشرع في قراءة مبادي العلوم النحوية والفقهية عليه ، ثم اتصل بالأستاذ الكبير الشيخ أحمد الترمانيني ولازمه عدة سنين وصار يقرأ له دروسا على انفراده لما شاهده منه من الحرص على التعلم والاستفادة. ولم يزل يدأب على ذلك حتى نبل وفضل في مدة قليلة لقوة حافظته وسرعة فهمه وحرصه الشديد على التعلم مع الورع والزهد في الدنيا والإقبال الزائد على العبادة والتلاوة وقراءة الأوراد وحب العزلة عن الناس.
وفي سنة ١٢٧٧ عين مفتيا للباب وتوطنها إلى أن توفي فيها في جمادى الآخرة سنة ١٣٠٢ ودفن هناك. وتصدر فيها للوعظ والإرشاد وانتفع به أهلها وتاب على يده الكثير ، وكان لأهلها وللقرى التي حولها اعتقاد عظيم فيه ، وينسبون له عدة كرامات منها الإخبار عما في الضمائر لكثير ممن يحضر مجلسه أو دروسه على نسق شيخه الشيخ أحمد الترمانيني ، وأسف أهل تلك الديار لموته أسفا عظيما ، ولم يزالوا يتذكرون علمه وفضله ويتحدثون بمناقبه.
وكان رحمهالله من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم ، مسموع الكلمة هناك.
وتعلق على صناعة الشعر ، وله نظم حسن ، ومن شعره :
ما ديننا إلا اتباع نبينا |
|
وجميع ما في ديننا حق حميد |
ومنه :
قد أذهب الطبل دنياكم ودينكم |
|
أهل القرى لو علمتم ما تلافونا |
ومنه :