فيه إلى الزهد والإعراض عن هذه الدنيا الفانية ، فمنه وهو مما نقلته من خط أخيه صديقنا الفاضل الشيخ عبد الحميد أفندي :
كل اللذائذ والآمال زائلة |
|
وبعد عين يعود الكل في خبر |
فليت شعري ما الدنيا وزينتها |
|
وما التفاخر بالأموال والدرر |
وما التصدر للعليا بمدّ يد |
|
للّثم ثم امتداد في ثرى الحفر |
ومنه قصيدة طويلة قسمها إلى عدة فصول عارض بها بردة الأبوصيري ، رأيتها بخطه ، قال في مطلعها وهو الفصل الأول :
بان الخفاء وبانت بانة العلم |
|
ترمي بلحظ تروم الفتك في العلم (١) |
فاكظم رجاءك في أرجاء كاظمة |
|
واسلم فديتك لا تطمع بذي سلم |
واقصر هوى طالما فيه هويت إلى |
|
وهد الهوان وهذا الذل والسقم |
هل يجهد الحر في تمليك مهجته |
|
لمن يرى سلبها من واجب الذمم |
هي الغواني لديها خير مكرمة |
|
إغوا الكريم وقطع الوصل والكرم |
كم من فقيد بمغناها بلا قود |
|
للغنم وافى وإن الغنم بالغنم (٢) |
ماذا التجلد للواشين تظهره |
|
دوما وذا دمعك الهتّان كالديم |
أما الذي قد جرى من مقلتيك دما |
|
هو الفؤاد فعش جسما بغير دم |
ومنها في الفصل الرابع في فضل شريعته صلىاللهعليهوسلم على ما قبلها :
لئن شرائعهم طبق العصور أتت |
|
فكلها انطبقت في عصر ختمهم |
وكل مستكمل سيرا لأوله |
|
يعود يا حبذا بدء بمختتم |
لذاك قلت استدار الوقت هيئته |
|
كيوم فطرته في سالف القدم |
أعظم بعصر جديد مبرز عجبا |
|
من كل شأن بديع الحسن منتظم |
كل اختراع وكشف كان عن أثر |
|
من بعثه رحمة للعرب والعجم |
فمن قرا سيرة الماضين في سلف |
|
درى تفرد هذا العصر في الشمم |
هذي الظواهر والآثار قد نطقت |
|
ناهيك عن جوهر الأسرار ذي القيم |
__________________
(١) العلم أولا اسم موضع ، وثانيا بمعنى العالم. ا ه. من خطه.
(٢) لعل الصواب : وإن الغرم بالغنم.