في المكتب السلطاني الذي عمر بحلب في محلة السليمية والذي انتهت عمارته في هذه السنة ، وعين عضوا في مجلس المعارف وفي محكمة الحقوق والجزاء ، بقي نحو عشرين سنة وحمدت سيرته فيهما في جميع هذه المدة.
وكان الرؤساء يرجعون إلى ثاقب فكره ويعتمدون عليه لدرايته واستقامته ورغبته في العدل ، وكان يخالف بقية الأعضاء فيما فيه مخالفة للشرع المتين بكل متانة.
وأنعمت عليه الدولة العثمانية برتبة إزمير المجردة ، ثم برتبة الموالي ، ورشح عدة مرات لمنصب الإفتاء.
وله عدة مؤلفات في الفقه والمنطق والنحو والصرف والمعاني والبيان والعروض ، وشرح على «متن الإظهار» للبركوي ، وحاشيتان كبرى وصغرى على «إيساغوجي في المنطق» ، وحاشية على «متن التهذيب» في المنطق ، وتقريرات على حاشية «نسمات الأسحار على شرح المنار» في أصول الفقه ، ومجموع في علم الحديث مرتب على الحروف الهجائية ، وله في كل فن رسالة على طريق السؤال والجواب مع ترجمتها باللغة التركية ، وله مجموع في تعاريف الفلسفة الطبيعية والمنطق ، وله مقالات على تفسير بعض آيات قرآنية ، ورسالة في المباحات ، ورسالة في المحرمات في الفقه ، وفي السنن المؤكدة والمستحبة ، ورسالة في الفروض العينية ، ورسالة في المكروهات ، وحاشية على مرقاة الوصول إلى علم الأصول لم تتم ، وغير ذلك من التحريرات ، ولكن لم يطبع له من هذه المؤلفات والتحريرات شيء وتفرقت أيدي سبا.
وبالجملة فقد كان فقيها نحويا منطقيا أصوليا فرضيا شاعرا ، وله ديوان شعر استعاره بعض تلامذته الذين كانوا يحضرون عليه ولم يردّه.
وكان رحمهالله أسمر اللون طويل القامة ، من يراه من بعد يرى فيه أثر العبوسة ، حتى إذا دنا منه وعاشره يجده قد عجنت طينته بماء اللطافة وتجلت في محياه شموس البشاشة.
وكان محبوبا عند عموم الطوائف لما كان فيه من الخصال الحميدة التي قدمناها.
وهو من جملة من أخذنا عنهم العلم ، قرأت عليه شرح ابن عقيل على الألفية من أوائله إلى الآخر قراءة تحقيق وتدقيق ، وبعضا من شرح ملتقى الأبحر المعروف بشرح الداماد.