وتداخل مع الحكام وصار عضوا في مجلس إدارة الولاية ، ثم تولى إفتاء حلب في نواحي سنة ١٢٩٢ بعد الشيخ بكري الزبري ، فبقي في هذا المنصب نحو سنتين ، ثم عزل وأعيد الشيخ بكري إليه.
وصار له درس في علم الحديث في الجامع الكبير كان يقرؤه أمام ضريح يحيى عليهالسلام.
وأخذ في اقتناء الكتب مخطوطها ومطبوعها ، فكان له خزانة كتب نفيسة.
ولم يزل دائبا على الزراعة واقتناء الأملاك إلى أن توفي ١٣٢٥ وعمره ثمانون سنة ، ودفن في تربة الصالحين.
وكان أبيض اللون أشهل العينين مربوع القامة نيّر الشيبة تعلوه الحشمة والوقار ، خصوصا حينما يتعمم بالعمامة الخضراء ، فكان يزداد بها بهاء ووقارا مع نباهة ودهاء. وله مع جميل باشا والي حلب وقائع مشهورة ، وكان الولاة يحسبون له حسابا.
وبنى مسجدا في وسط جادة الخندق ووقف له وقفا. ووقف على ذريته أملاكا واسعة. ووقف مكتبته التي قدمنا ذكرها ، بقيت عند ولده الحاج مراد أفندي إلى سنة ١٣٤٣ ، فسعيت في نقلها إلى المدرسة الخسروية ، ثم نقلت مع بقية المكتبة العامة التي أسست هناك إلى المدرسة الشرفية الواقعة شرقي الجامع الكبير وذلك في منتصف جمادى الأولى من هذه السنة وهي سنة ١٣٤٥ ، وهي ٦٠٠ مجلد ، ومن جملة نفائسها كتاب «بدائع الصنائع» في الفقه الحنفي الذي سعى ولده الموما إليه ومحمد أسعد باشا الجابري في طبعه في مصر في ٧ مجلدات ، وقد ذكرت ذلك في ترجمة مؤلفه الإمام الكاساني المتوفى سنة ٥٨٧.
ومن نفائس هذه المكتبة كتاب «العدة في شرح العمدة» [عمدة الأحكام] لأبي الحسن علاء الدين علي بن إبراهيم الشافعي العطار في مجلدين ، وهو شرح العمدة للحافظ أبي محمد عبد الغني المقدسي ، وهو منقول عن نسخة المؤلف ، والنسخة محررة سنة ٨٥٤.
وكتاب «تجريد المعقول وخلاصة جامع الأصول» لقاضي القضاة شرف الدين البارزي ، قرىء على مؤلفه سنة ٧١٧ وعليه خطه وخط من قرأه عليه وهو محمد بن سعد