في الجامع الكبير وغيره ، وهرعت إليه الطلاب وصاروا يقتبسون من أنوار علمه ويكترعون من كؤوس فضله. وحينما كان الشيخ بكري الزبري مفتيا صار لديه أمينا للفتوى ، وكذلك لما عين العلامة الشيخ أحمد الزويتيني لإفتاء حلب أقر في وظيفته وصار معه شيخنا العلامة الشيخ محمد الزرقا ، فكانا أميني دار الفتوى لديه ، وناهيك بهما علما واقتدارا.
وقد لازمته عشر سنين ممن سنة ١٣١٠ إلى سنة ١٣٢٠ ، وأول ما قرأته عليه متن «تنوير الأبصار» في الفقه الحنفي في الحجازية في الجامع الكبير ، ثم شرح «الدرر» لملا خسرو ، ثم «الدر المختار شرح تنوير الأبصار» مع مشارفة حاشية العلامة ابن عابدين عليه. وكان ابتداؤه فيه في شوال سنة ١٣١٦. وأخبرنا يوم شروعه في قراءته أن سنده في الفقه عن الشيخ محمد الرافعي الطرابلسي عن الشيخ أحمد الطحطاوي محشّي «الدر المختار» وعن الشيخ عبد القادر الرافعي عن الشيخ محمد الرافعي المتقدم عن الشيخ أحمد الطحطاوي بسنده. وكان يقرأ دروسه بدون مطالعة لفرط ذكائه وسرعة خاطره. وبقي في أمانة الفتوى إلى حين وفاة المفتي الزويتيني وذلك في سنة ١٣١٦ ، وأنهي له في الفتوى بعده من قبل الوالي رائف باشا لأهليته التامة لهذا المنصب وتضلعه في الفقه الحنفي ، ولم يقسم له ذلك لأسباب نذكرها في ترجمة الشيخ محمد العبيسي الذي صار هو المفتي في حلب بعد الشيخ أحمد الزويتيني.
ومن ذلك الحين ترك هو وشيخنا الشيخ محمد الزرقا وظيفة أمانة الفتوى ، وعيّن لها الشيخ بكري العنداني وشيخنا الشيخ بشير الغزي.
وبقي مواظبا على الدروس والإفادة للطلاب مع وجع الصدر الذي كان لا يفارقه إلى أن توفي ليلة الرابع عشر من المحرم سنة ١٣٢٦ ودفن من الغد في تربة الشيخ ثعلب الواقعة غربي محلة المشارقة وجنوبي المكتب السلطاني ، وكانت جنازته مشهودة.
وكان ماهرا في كتابة صكوك المبايعات العقارية ، يرجع إليه فيها وفي المنازعات التي تحصل في الشركات والمسائل الإرثية ، فكان يفصل بين المتخاصمين ويحكم فيهم بمقتضى الشرع.
ومما نأسف له أن لم يتصد لتأليف شيء من الكتب ، ولعل اشتغاله بالدروس وأمانة