ولد سنة ١٢٧٧. ونشأ ملما بالقراءة والكتابة ، وفي العشرين من العمر حبب إليه حفظ القرآن العظيم ، فباشر في ذلك ، ولفرط ذكائه وقوة حافظته حفظه في ستة أشهر ، ثم حفظ دلائل الخيرات. وفي أثناء ذلك لازم شيخنا الشيخ محمد السراج في جامع الرومي وأخذ عنه بعض المقدمات النحوية ، فصار له نوع معرفة فيه ، غير أنه صار يقرأ بعد ذلك بدون لحن إلا قليلا ، وذلك لكثرة مطالعته في الكتب الأدبية والدواوين الشعرية ومشافهته العلماء والفضلاء ، خصوصا شيخنا العلامة الشيخ بشير الغزّي. ثم حفظ كثيرا من المقامات الحريرية ، وعني بقرض الشعر. وما زال يعلو فيه شرفا ويهبط واديا إلى أن تحسن شعره وصار مقبولا لدى الأدباء ، ثم جمعه في ديوان حافل استعرته من أبناء أخيه وبقي عندي أياما فإذا هو قد استهله بقصيدتين طويلتين مدح بهما الشيخ علي اليشرطي شيخ الطريقة الشاذلية ، مطلع الأولى :
غرام أقام القلب مني وأقعدا |
|
وصيرني فوق التراب مسهّدا |
ومطلع الثانية :
لاحت بمظهركم في الكون أسرار |
|
فأشرقت في قلوب الناس أنوار |
ويغلب على شعره التغزل والهجو ، وهو في هجوه أحسن منه في تغزله. وقد أكثر في شعره من التشطير والتخميس والتطريز للأسماء ، فمن شعره متغزلا :
هذا الجمال له في الذكر آيات |
|
وفي الأنام وما يحكى روايات |
حسن بديع أراد الله يظهره |
|
فكنته وبدت منك العلامات |
غدوت سلطان حسن في الملاح لذا |
|
في خدك الخال بانت منه رايات |
محوت كل جمال فيه حين بدا |
|
للناظرين وهذا المحو إثبات |
لله درك من ظبي خلقت كما |
|
تهوى ولله في هذا إرادات |
أصبحت فتنة هذا الكون منذ نصبت |
|
سهام لحظك في العشاق كسرات |
تغدو القلوب إذا ما مست منعطفا |
|
لها من الوجد كرّات وفرّات |
حكيت بدرا بنور قد زها وعلا |
|
وفاته منك لفتات وقمزات |
يا يوسف الحسن يا من عزّ عن شبه |
|
كم في الهوى لك قد حنّت زليخات |
فتنت في طرفك الماضي القلوب لذا |
|
في صحن خدك منها بان حبات |