وكان يختلي على العادة في كل سنة أربعين يوما ، يبتدىء بذلك من عشرين شعبان ويخرج أول يوم من عيد الفطر. وكان معظم أيامه صائما وخصوصا يوم الخميس والاثنين ، فقد كان ملازما لصيامهما مع الإكثار من تلاوة القرآن ودلائل الخيرات والتهجد.
ومع اشتغاله في ذلك كان له دروس يطالعها ويقرؤها لبعض الطلبة والمريدين. ومن جملة من أخذ عنه الشيخ أحمد البدوي الجميلي الذي أقام في المدرسة الشعبانية مدة طويلة ، وكان يقرىء فيها الطلبة مبادىء العلوم من فقه ونحو ، ومنهم الشيخ سعيد الإدلبي ، والشيخ عيسى البيانوني وولده الشيخ إبراهيم الذي جلس بعده على السجادة.
وبالجملة فقد كان رحمهالله شاغلا وقته في التعبد والتهجد وقراءة الأوراد وإقامة الذكر بعد عصر الجمعة وقراءة الدروس.
وألف كتابا سماه «إرشاد الخليقة لسلوك طريق أهل الحقيقة» وهو في بيان أركان الطريق ، ومستند القوم في الرد على المنكرين ، ومقامات النفس ، وفي الفرق بين طريقتي السادة القادرية والسادة الخلوتية.
ولما كثر إخوانه بحيث كان تضيق بهم قبلية مسجد الأصفر الذي قدمنا أنه كان يقيم الذكر فيه سعى في سنة ١٣١٥ في بناء زاوية له في الزقاق المعروف بزقاق أبي درجين في التربة الخشابية التي قدمنا ذكرها والكلام عليها في الجزء الرابع ص (٣٩٨) ، وقد كانت خربة مهجورة مغلقة الباب من سنين ، فتح لها بعض مستأجري الفرن الذي في غربيها بابا ، وصار يضع فيها القش والحطب ، فاستلمها المترجم بإذن من الحاكم الشرعي وشرع في بناء مكان واسع لإقامة الذكر ومسجد للصلاة وإقامة الجمعة وحجرة للجلوس لها مدخل إلى مكان إقامة الذكر. وساعده أهل البر والإحسان في مصاريف ذلك ، وأتم هذه العمارة في سنة ١٣١٧ وصار يقيم الذكر هناك ويجلس في تلك الحجرة لزيارة الإخوان والقراءة للمرضى وكتابة التعاويذ والحجب لهم والتعبد وتلاوة القرآن وقراءة الدروس.
وما زال على ذلك إلى أن توفي ضحوة يوم الاثنين رابع ربيع الثاني سنة ألف وثلاثماية وسبع وثلاثين ، ودفن في تربة الكليباتي رحمهالله رحمة واسعة.
وخلف ذكورا وإناثا. ووقف على بناته داره العظيمة في محلة الجلّوم في الزقاق المعروف