وأصيب في حياته بولدين له شابين أديبين أحمد ومحمد ، وليس له من الذكور غيرهما ، وكانا يطلبان العلم ، وقد تلقيا عنه قسما من علم الميقات والفلك. توفي ثانيهما أثناء الحرب العامة بالموصل ، وكان قد أخذ إليها جنديا كما أخذ الكثير من طلاب العلوم وقتئذ ، وأسف عليه الناس إذ كان ينتظر أن يخلفه في علومه الميقاتية والفلكية ، ولم يخبر بوفاة ولده إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى.
وكنت ممن حظي بزيارته غير مرة متبركا به طالبا خير دعائه لما كان عليه من الصلاح والتقوى والإخلاص في العمل ، ولحسن محاضرته ومذاكرته. وفي إحدى زياراتي له التمست منه أن يجيزني إجازة عامة بجميع مروياته ، فأجاب ملتمسي بعد أن أعارني ثبت جده الشيخ عبد الرحمن الحنبلي المسمى «بمنار الإسعاد في طرق الأسناد» وهو بخطه ، ونقلت منه مجمل المؤلفات التي يرويها مع تراجم ما فيه من أشياخه الحلبيين ، وقد أشرت إلى ذلك في ترجمة جده هذا ، وذيّل ذلك بإجازة حافلة بخطه مؤرخة في سنة ١٣٢٦. وأجازني أيضا بحديث الرحمة المشهور عند المحدثين بالحديث المسلسل بالأولية ، لأن كل راو من رواته لابد أن يقول فيه عن شيخه : وهو أول حديث سمعته منه أو قرأته عليه ، أو يقول : وهو أول حديث أجازني به أو أرويه عنه أو رويته عنه.
ولم يكن له من الواردات سوى ما يتناوله من وظيفة درس الحديث في الجامع الأموي والتوقيت فيه ، فكان قانعا بهاتين الوظيفتين وبما يعطيه له المستشفون عنده بالقراءة بدون طلب منه أو استشراف له ، يعيش بذلك عيش الكفاف.
ولم يزل على ما ذكرنا من لزومه لبيته وانجماعه عن الناس وإعراضه عن هذه الدنيا الفانية وزهده فيها وانقطاعه للعبادة والتلاوة إلى أن توفي ليلة الجمعة في الرابع والعشرين من رمضان سنة ١٣٣٨ ، ودفن صبيحتها في تربة الصالحين عند قبور آبائه ، رحمهالله تعالى.
وخلت الشهباء بعده من عالم بالفلك والميقات.
وله من المؤلفات «كنوز الأخبار في أحاديث النبي المختار» المنتخب من «الجامع الصغير» للحافظ السيوطي في مجلدين في ٦٧٠ صحيفة بخطه ، فرغ من تحريره سنة ١٣٣٥. وبيعت كتبه بعد وفاته وفيها عدة من النفائس في علم الميقات والفلك من آثار آبائه وأجداده وآثار غيرهم ، واشتريت من هذه الكتب منظومة جد المترجم الشيخ عبد