الرفع والضم ، والجزم والوقف ، وانما ذكرت لك ثمانية مجار لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل وليس شىء منها إلّا وهو يزول عنه وبين ما يبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل التي لكلّ عامل منها ضرب من اللفظ في الحرف وذلك الحرف حرف الاعراب فالنصب والجرّ والرفع والجزم لحروف الاعراب وحروف الاعراب للاسماء المتمكّنة وللأفعال المضارعة ولأسماء الفاعلين التي في أوائلها الزوائد الأربع الهمزة والتاء والياء والنون وذلك قولك : أفعل أنا وتفعل أنت أو هي ، ويفعل هو ونفعل نحن ، فالنصب في الأسماء رأيت زيدا والجرّ مررت بزيد والرفع هذا زيد ، وليس في الأسماء جزم لتمكّنها وللحاق التنوين فاذا ذهب التنوين لم يجمعوا على الاسم ذهابه وذهاب الحركة ، والنصب في المضارع من الأفعال لن يفعل والرفع سيفعل والجزم لم يفعل ، وليس في الأفعال المضارعة جر كما أنه ليس في الأسماء جزم لأن المجرور داخل في المضاف إليه معاقب للتنوين وليس ذلك في هذه الأفعال ، وانما ضارعت أسماء الفاعلين أنّك تقول : «إنّ عبد الله ليفعل» فيوافق قولك لفاعل حتى كأنك قلت ان زيدا لفاعل فيما تريد من المعنى وتلحقه هذه اللام كما لحقت الاسم ولا تلحق فعل اللام وتقول سيفعل ذلك وسوف يفعل ذاك فتلحقها هذين الحرفين لمعنى كما تلحق الالف واللام الاسماء للمعرفة ويبين لك أنها ليست بأسماء أنك لو وضعتها مواضع الاسماء لم يجز ذلك ألا ترى أنك لو قلت «إنّ يضرب يأتينا» وأشباه هذا لم يكن كلاما الا أنها ضارعت الفاعل لاجتماعهما في المعنى وسترى ذلك أيضا في موضعه ولدخول اللام قال الله تعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي لحاكم ولما لحقها من السين وسوف كما لحقت الالف واللام الاسم للمعرفة.
وأما الفتح والكسر والضم والوقف فللاسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم ولا فعل مما جاء لمعنى ليس غير نحو سوف وقد ، وللأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة ، وللحروف التي ليست بأسماء ولا أفعال ولم تحبىء الا لمعنى ، فالفتح في الاسماء قولهم حيث وكيف وأين والكسر فيها نحو أولاء وحذار وبداد ، والضمّ نحو حيث وقبل وبعد والوقف
__________________
ـ انبيائه عامة ، افضل صلاة وازكاها ، وأرفعها درجة وأسناها [هذا كتاب] امر بتأليفه وتلخيصه ، وتهذيبه وتخليصه ، المعتضد بالله المنصور بفضل الله أبو عمرو عباد بن محمد بن عباد عناية منه بالأدب ـ