في غد فأتنى ولكنهم أضمروا استخفافا لكثرة كان في كلامهم لأنه الاصل لما مضى وما سيقع ، وحذفوا كما قالوا حينئذ الآن ، وانما يريد حينئذ واسمع إليّ الآن فحذف واسمع منى الآن كما قال تالله ما رأيت كاليوم رجلا أي كرجل أراه اليوم رجلا وإنما أضمر ما كان يقع مظهرا استخفافا ولأنّ المخاطب يعلم ما يعني فجرى بمنزلة المثل كما تقول لا عليك وقد عرف المخاطب ما تعني أنّه لا بأس عليك ولا ضرّ عليك ولكنه حذف لكثرة هذا في كلامهم ، ولا يكون هذا في غير لا عليك ، وقد تقول اذا كان غدا فأتني كأنّه ذكر أمرا إمّا خصومة وإمّا صلحا فقال اذا كان غدا فأتني فهذا جائز في كلّ فعل لأنك انما أضمرت بعد ما ذكرت مظهرا والأوّل محذوف منه لفظ المظهر وأضمروا استخفافا فان قلت اذا كان الليل فأتني لم يجز ذلك لأنّ الليل لا يكون ظرفا إلا أن تعني الليل كلّه على ما ذكرت لك من التكثير فان وجّهته على إضمار شيء قد ذكر على ذلك الحدّ جاز وكذلك أخوات الليل.
ومما لا يحسن فيه إلّا النصب قولهم سير عليه سحر لا يكون فيه إلّا أن يكون ظرفا لأنهم انما يتكلّمون به في الرفع والنصب والجرّ بالالف واللام يقولون هذا السّحر وبأعلى السحر ، وإنّ السّحر خير لك من أوّل الليل إلّا أن تجعله نكرة فتقول سير عليه سحر من الاسحار لأنه يتمّكن في الموضع ، وكذا تحقيره اذا عنيت سحر ليلتك تقول سير عليه سحيرا ، ومثله سير عليه ضحى ولا موعدك سحير الا أن تنصب ، ومثل ذلك صيد عليه صباحا ومساء وعشيّة وعشاء ، اذا أردت عشاء يومك ومساء ليلتك لأنهم لم يستعملوه على هذا المعنى إلا ظرفا ولو قلت موعدك مساء وأتانا عند عشاء لم يحسن ، ومثل ذلك سير عليه ذات مرّة نصب لا يجوز الا هذا ، ألا ترى أنك لا تقول إنّ ذات مرة كان موعدهم ولا تقول إنما لك ذات مرة ، ومثل ذلك سير عليه بكرا ألا ترى أنه لا يجوز لك موعدك بكر ولا مذ بكر فالبكر لا يتمكن في يومك كما لم يتمكن ذات مرة وبعيدات بين ، وكذلك ضحوة في يومك الذي أنت فيه يجري مجرى عشية يومك الذي أنت فيه ، وكذلك سير عليه عتمة اذا اردت عتمة ليلتك كما تقول صباحا ومساء وبكرا ، وكذلك سير عليه ذات يوم وسير عليه ذات ليلة بمنزلة