لأنه أراد أن يبيّن له العدّة فجرى على سعة الكلام والاختصار وإن كانت الضربتان لا تضربان فانما المعنى كم ضرب بالسّوط الذي وقع به الضرب من ضربة فأجابه على هذا المعنى ، ولكنه اتّسع واختصر وكذلك هذه المصادر التي عملت فيها أفعالها انما تسأل عن هذا المعنى ، ولكنه يتّسع ويخزل الذي يقع به الفعل اختصارا واتّساعا وقد علم أنّ الضرب لا يضرب ومن ذلك سير عليه خرجتان وسير عليه مرّتان ، وليس ذلك بأبعد من قولك ولد له ستّون عاما وسمعت من أثق به من العرب يقول بسط عليه العذاب مرّتين وتقول سير عليه طوران طور كذا وطور كذا والنصب ضعيف جدّا اذا ثنّيت كقولك طور كذا وطور كذا ، وقد يكون في هذا النصب اذا أضمرت ، وقد تقول سير عليه مرّتين تجعله على الدهر أى ظرفا ، وتقول سير عليه طورين وتقول ضرب به ضربتين أي قدر ضربتين من الساعات كما تقول سير عليه ترويحتين فهذا على الاحيان ، ومثل ذلك انتظر به نحر جزورين انما جعله على الساعات كما قال مقدم الحاجّ وخفوق النجم فكذلك جعله ظرفا ، وقد يجوز فيه الرفع اذا شغلت به الفعل وإن جعلت المرّتين وما أشبههما من السير رفعت.
ومما يجىء توكيدا وينصب قوله سير عليه سيرا وانطلق به انطلاقا وضرب به ضربا فينصب على وجهين أحدهما على أنه حال على حدّ قولك ذهب به مشيا وقتل به صبرا ، وإن وصفته على هذا الحدّ كان نصبا تقول سير به سيرا عنيفا كما تقول ذهب به مشيا عنيفا ، وإن شئت نصبته على إضمار فعل آخر ويكون بدلا من اللفظ بالفعل فتقول سير عليه سيرا وضرب به ضربا كأنك قلت بعد ما قلت سير عليه وضرب به يسيرون سيرا ويضربون ضربا ، وينطلقون انطلاقا ولكنه صار المصدر بدلا من اللفظ بالفعل نحو يضربون وينطلقون ، وجرى على قوله إنما أنت سيرا سيرا وعلى قوله الحذر الحذر وإن شئت قلت على هذا المعنى سير عليه السّير وضرب به الضرب جاز على قوله الحذر الحذر وعلى ما جاء فيه الالف واللام نحو العراك وكان بدلا من اللفظ بالفعل وهو عربي جيّد حسن ، ومثله سير عليه سير البريد وإن وصفت على هذه الحال لم يغيّره