وقال سبحانه (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) وتقول قد عرفت زيدا أبو من هو وعلمت عمرا أأبوك هو أم أبو غيرك فأعلمت الفعل في الاسم الاوّل لأنه ليس بالمدخل عليه حرف الاستفهام كما أنك اذا قلت عبد الله أأبوك هو أم أبو غيرك أو زيد أبو من هو ، فالعامل في هذا الابتداء ثم استفهمت بعده ومما يقوّي النصب قولك قد علمته أبو من هو وقد عرفتك أيّ رجل أنت ، وتقول قد دريت عبد الله أبو من هو ، كما قلت ذلك في علمت ولم يؤخذ ذلك إلّا من العرب ، ومن ذلك قد ظننت زيدا أبو من هو ، وإن شئت قلت قد علمت زيد أبو من هو كما تقول ذاك فيما لا يتعدّى الى مفعول وذلك قولك اذهب فانظر زيد أبو من هو ، ولا تقول نظرت زيدا ، واذهب وسل زيد أبو من هو وانما المعنى اذهب فسل عن زيد ولو قلت اسأل زيدا على هذا الحدّ لم يجز ، ومثل ذلك دريت في أكثر كلامهم لأن أكثرهم يقول ما دريت به مثل ما شعرت به. ومثل ذلك ليت شعري زيد أعندك هو أم عند عمرو ، ولا بدّ من هو لأن حرف الاستفهام لا يستغني بما قبله إنما يستغني بما بعده ، فانما جئت بالفعل بعد مبتدء قد وضع الاستفهام في موضع المبنيّ عليه الذي يرفعه فأدخلته عليه كما أدخلته على قولك قد عرفت لزيد خير منك ، وإنما جاز هذا فيه مع الاستفهام لأنه في المعنى مستفهم عنه ، كما جاز لك أن تقول إنّ زيدا فيها وعمرو ، ومثله (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) فابتدأ لأنّ معنى الحديث حين ، قال إنّ زيدا منطلق زيد منطلق ولكنّه أكّد بأنّ كما أكّد فأظهر زيدا وأضمره ، والرفع قول يونس ، فان قلت قد عرفت أبو من زيد لم يجز إلّا الرفع لأنك بدأت بما لا يكون إلّا استفهاما ، وابتدأته ثم بنيت عليه ، فهو بمنزلة قولك قد علمت أأبوك زيد أم أبو عمرو فان قلت قد عرفت أبا من زيد مكني انتصب على مكنيّ كأنك قلت أبا من زيد مكنيّ ثمّ أدخلت عرفت عليها ، ومثله قولك قد علمت أأبا زيد تكني أم أبا عمرو ، كأنك قلت أأبا زيد تكني أم أبا عمرو ثمّ أدخلت عليه علمت كما أدخلته عليه حين لم يكن ما بعده إلّا مبتدأ فلا ينتصب إلّا بهذا الفعل الآخر كما لم يكن في الأول إلّا مبتدء ، واذا قلت قد عرفت زيدا أبو من هو قلت قد عرفت زيدا أبا من هو