مكني ، ومن رفع زيدا ثمّه رفع زيدا هاهنا ونصب الآخر كما نصبه حين قال قد عرفت أبا من أنت مكني وكأنه قال زيد أبا من هو مكني ثم أدخل الفعل عليه ، وكأنّه قال زيد أأبا بشر يكنى أم أبا عمرو ، ثم أدخل الفعل عليه وعمل الفعل الآخر حين كان بعد ألف الاستفهام ، وتقول قد عرفت زيدا أبو أيّهم يكنى به وعلمت بشرا أيّهم يكنى به ترفعه كما ترفع أيّهم ضربته ، وتقول أرأيتك زيدا أبو من هو وأ رأيتك عمرا أعندك هو أم عند فلان لا يحسن فيه الّا النصب في زيد ألا ترى أنك لو قلت أرأيت أبو من أنت أو أرأيت أزيد ثمّ أم فلان لم يحسن لأنّ فيه معنى أخبرني عن زيد وهو الفعل الذي لا يستغني السكوت على مفعوله الاوّل فدخول هذا المعنى فيه لم يجعله بمنزلة أخبرني في الاستغناء فعلى هذا أجرى وصار الاستفهام في موضع المفعول الثاني ، وتقول قد عرفت أىّ يوم الجمعة فتنصب على أنّه ظرف لا على عرفت وإن لم تجعله ظرفا رفعت وبعض العرب يقول لقد علمت أىّ حين عقبتى وبعضهم يقول لقد علمت أىّ حين عقبتي ، وأما قوله : [بسيط]
(١) حتّى كأن لم يكن إلّا تذكّره |
|
والدهر أيّتما حال دهارير |
فانما هو بمنزلة قولك والدهر دهارير كلّ حال وكلّ مرّة أي في كلّ مرّة فانتصب لأنه ظرف كما تقول القتال كلّ مرّة وكلّ أحوال الدهر.
__________________
(٢٠٣) الشاهد فيه نصب أيتما على الظرف والعامل فيه الدهارير والتقدير والدهر دهارير كل حين والدهارير الدواهى واحدها دهرور ودهرار ويقال الدهارير أول الدهر والمعنى والدهر متجدد أبدا على ما عهد منه لا يبلى ، ولذلك قيل له الجذع ، ويقال الدهارير جمع دهر على غير قياس كما قيل ذكر ومذاكير والمعنى على هذا والدهر متقلب من حال الى حال ومتصرف بخير وشر فكأنه قال دهور لاختلافه ، وقبل هذا البيت.
وبينما المرء في الاحياء مغتبطا |
|
اذ صار في الرمس تعفوه الاعاصير |
ويروى ان الفرزدق شهد دفن رجل فأنشده منشد هذا الشعر ، فقال الفرزدق أتدرون من قائل هذا الشعر فقالوا لا فقال الموضوع في حفرته.