ومن ذلك أيضا قولك مررت برجل صالح وان لا صالحا فطالح ، ومن العرب من يقول إن لا صالحا فطالحا كأنه يقول إن لا يكن صالحا فقد مررت به أو لقيته طالحا وزعم يونس أن من العرب من يقول إن لا صالح فطالح على ان لا أكن مررت بصالح فطالح وهذا قبيح ضعيف لأنك تضمر بعد إن لا فعلا آخر غير الذي تضمر بعد إن لا في قولك ان لا يكن صالحا فطالح ، ولا يجوز أن تضمر الجارّ ولكنهم لمّا ذكروه في أول كلامهم شبهوه بغيره من الفعل وكان هذا عندهم أقوى اذا اضمرت ونحوها في قولهم : [رجز]
(١) وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلا اليعافير وإلا العيس |
ومن ثمّ قال يونس امرر على أيّهم أفضل إن زيد وإن عمرو يعني إن مررت بزيد أو مررت بعمرو واعلم أنه لا ينتصب شيء بعد إن ولا يرتفع إلّا بفعل لأن إن من الحروف التي يبنى عليها الفعل وهي إن المجازاة وليست من الحروف التي يبتدأ بعدها الاسماء لتبنى عليها الاسماء ، فانما أراد بقوله إن زيد وإن عمرو إن مررت بزيد ، وان مررت بعمرو فجرى الكلام على فعل آخر وانجرّ الاسم بالباء لأنّه لا يصل اليه الفعل الّا بالباء كما أنّه حين نصبه كان محمولا على كان ، ومن رأى الجرّ في هذا قال مررت برجل إن زيد وإن عمرو يريد إن كنت مررت بزيد وإن كنت مررت بعمرو ، ولو قلت عندنا أيّهم أفضل أو عندنا رجل ثم قلت إن زيدا وإن عمرا ، كان نصبه على كان ، وإن رفعته رفعته على كان ، كأنّك قلت إن كان عندنا زيد أو كان عندنا عمرو ولا يكون رفعه على عندنا من قبل أنّ عندنا ليس بفعل ، ولا يجوز بعد إن أن تبنى عندنا على الاسماء ولا الاسماء تبنى على عند كما لم يجز لك أن تبني بعد إن
__________________
(٢١٣) استشهد به لاضمار حرف الجر والتقدير ورب بلدة وجعل هذا تقوية لاضمار الفعل مع قوته اذ جاز اضمار حرف الجر مع ضعفه والواو عنده حرف عطف غير عوض من رب الا انها دالة عليها فأضمرت لذلك وهي عند غيره عوض من رب وواقعة موقعها كما كانت هاء التنبيه عوضا من الواو في قولهم لا هاء الله والمعنى لا والله وكلا التقديرين صحيح ان شاء الله.