وابال لم يحملهم ذاك على أن يفعلوه بمثله ولم يحملهم اذ كانوا يثبتون فيقولون في مر اومر أن يقولوا في خذ اخذ وفي كل اكل فقف على هذه الأشياء حيث وقفوا ثم قس بعد ، وأما قول الشاعر : [وهو دريد بن الصمة] [وافر]
(١) لقد كذبتك نفسك فاكذبنها |
|
فان جزعا وإن إجمال صبر |
فهذا على إمّا وليس على إن الجزاء ، وليس كقولك إن حقّا وإن كذبا ، فهذا على إمّا محمول ألا ترى أنك تدخل الفاء ، ولو كانت على إن الجزاء وقد استقبلت الكلام لاحتجت الى الجواب فليس قوله فان جزعا كقوله إن حقّا وإن كذبا ولكنّه على قوله تعالى (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) ولو قلت فان جزع وإن إجمال صبر كان جائزا كأنك قلت فامّا أمري جزع ، وإمّا إجمال صبر لأنك لو صحّحتها فقلت إمّا جاز ذلك فيها ، ولا يجوز طرح ما من إمّا إلّا في الشعر ، قال النّمر بن تولب [متقارب]
(٢) سقته الرّواعد من صيّف |
|
وإن من خريف فلن يعدما |
__________________
(٢١٥) الشاهد في قوله فان جزعا وان اجمال صبر والمعنى اما جزعا واما اجمالا فحذف ما من اما ضرورة ، ولا يجوز أن يكون ان هنا شرطا لوقوع الفاء قبلها فلو كانت شرطا لكان مستأنفا لا جواب له لمنع الفاء ان يكون جوابه فيما قبله.
* يقول معزيا لنفسه عن أخيه عبد الله بن الصمة ، وكان قد قتل لقد كذبتك نفسك فيما منتك به من الاستمتاع بحياة أخيك فأكذبها في كل ما تمنيك به بعد ، فاما ان تجزع لفقد أخيك وذلك لا يجدي عليك شيئا واما أن تجمل الصبر فذلك أجدى عليك.
(٢١٦) الشاهد فيه كالشاهد في الذي قبله ، وتقديره عند سيبويه سقته الرواعد اما من صيف واما من خريف فلن يعدم الري البتة فحذف اما في أول البيت ضرورة لدلالة اما الثانية عليها لأنها لا تقع الا مكررة ، ثم ما من اما الباقية ضرورة كما تقدم ، فقال وان من خريف ، وقد خالف سيبويه في هذا التقدير الاصمعي وغيره ، وقالوا انما هي ان التي للجزاء حذف الفعل بعدها لما جرى من ذكره قبلها والفاء جوابها ، والتقدير عندهم سقته الرواعد من صيف وان سقته من من خريف فلا يعدم الري ، وتقدير سيبويه أولى لما فيه من عموم الري في كل وقت من صيف وخريف ولا يصح هذا المعنى على تقدير الأصمعي وأصحابه لأنهم جعلوا ريه لسقي الخريف ـ