(١) فقالت حنان ما أتي بك هيهنا |
|
أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف |
لم ترد تحنّن ولكنها قالت أمرنا حنان أو ما يصيبنا حنان وفي هذا المعنى كلّه معنى النصب ، ومثله ، في أنه على الابتداء وليس على فعل قوله عزوجل (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا من أمر ليموا عليه ولكنهم قيل لهم لم تعظون قوما قالوا موعظتنا معذرة الى ربّكم ، ولو قال رجل لرجل معذرة الى الله واليك من كذا وكذا يريد اعتذار النصب.
ومثل ذلك قول الشاعر : [رجز]
(٢) يشكو اليّ جملى طول السّرى |
|
صبر جميل فكلانا مبتلى |
والنصب اكثر وأجود لأنه يأمره ، ومثل الرفع فصبر جميل والله المستعان كأنه يقول الأمر صبر جميل ، والذي يرفع عليه حنان وصبر وما أشبه ذلك لا يستعمل إظهاره ، وترك إظهاره كترك إظهار ما ينصب فيه ، ومثله قول بعض العرب من أنت زيد أي من أنت كلامك زيد فتركوا إظهار الرافع ، كترك إظهار الناصب ولأنّ فيه ذلك المعنى وصار بدلا من اللفظ بالفعل وسترى مثله إن شاء الله.
__________________
(٢٦٣) الشاهد فيه رفع حنان باضمار مبتدإ والتقدير أمرنا حنان ونحوه مما يقوم به المعنى وهو مع رفعه نائب مناب المصدر الموضوع بدلا من اللفظ بالفعل فلذلك جرى مجراه في الافراد والتنكير* وصف أنه فاجأها فأنكرته وتعرفت السبب الموجب لاتيانه هل هو لنسب بينه وبين حيها أو لمعرفة كانت بينه وبينهم فكأنها توقعت عليه قومها فلذلك تحننت عليه والحنان الرحمة.
(٢٦٤) الشاهد فيه رفع صبر جميل مع وضعه موضع الفعل والوجه فيه النصب لأنه أمر لا يقع موقعه الخبر وتقدير سيبويه في هذا أن يحمله على اضمار مبتدأ أو اضمار خبر فكأنه قال أمرك صبر جميل أو صبر جميل أمثل والقول عندي أنه مبتدأ لا خبر له لأنه اسم فعل ناب مناب الفعل والفاعل ووقع موقعه وتعرى من العوامل فوجب رفعه واستغنى عن الخبر لما فيه من معنى الفعل والفاعل ونظيره من كلام العرب في الاكتفاء به وحده دون خبر قولهم حسبك ينم الناس لأن معناه اكفف ولذلك اجيب كما يجاب الامر وهذا بين ان شاء الله.