كفرا ، ومثل هذا قوله ويقولون حجرا محجورا أي حراما محرّما ، يريد البراءة من الامر ويبعّد عن نفسه أمرا فكأنه قال أحرّم ذلك حراما محرّما ومثل ذلك أن يقول الرجل للرجل أتفعل كذا وكذا فيقول حجرا أي سترا وبراءة من هذا ، فهذا ينتصب على إضمار الفعل ولم يرد أن يجعله مبتدءا لخبر بعده ولا مبنيا على اسم مضمر.
واعلم أن من العرب من يرفع سلام اذا أراد معنى المبارأة كما رفعوا حنان سمعنا بعض العرب يقول لرجل لا تكوننّ منّى في شيء إلا سلام بسلام أي أمرى وأمرك المبارئة والمتاركة ، وتركوا لفظ ما يرفع كما تركوا فيه لفظ ما ينصب لأنّ فيه ذلك المعنى ولأنه بمنزلة لفظك بالفعل ، وقد جاء سبحان منوّنا مفردا في الشعر قال الشاعر (وهو أميّة بن أبي الصلت) : [بسيط]
(١) سبحانه ثم سبحانا يعود له |
|
وقبلنا سبّح الجودىّ والجمد |
شبّهه بقولهم حجرا وسلاما ، وأمّا سبّوحا قدّوسا ربّ الملائكة والرّوح فليس بمنزلة سبحان الله لأنّ السبّوح والقدّوس اسم ولكنه على قوله أذكر سبّوحا قدّوسا ، وذاك أنه خطر على باله أو ذكره ذاكر فقال سبّوحا أي ذكرت سبّوحا كما تقول أهل ذاك اذا سمعت الرجل ذكر الرجل بثناء أو بذم ، كأنّه قال ذكرت أهل ذاك لأنه حيث جرى ذكر الرجل في منطقه صار عنده بمنزلة قوله أذكر فلانا أو ذكرت فلانا كما أنه حيث أنشد ثم قال صادقا صار الانشاد عنده بمنزلة قال ، ثم قال صادقا وأهل ذاك فحمله على الفعل متابعا للقائل والذاكر فكذلك سبّوحا قدّوسا كأنّ نفسه صارت بمنزلة الرجل الذاكر والمنشد حين خطر على باله الذكر ثم قال سبّوحا قدّوسا أي ذكرت سبّوحا متابعا لها فيما ذكرت وخطر على بالها ، وخزلوا الفعل لأنّ هذا الكلام صار عندهم
__________________
(٢٦٩) الشاهد فيه قوله سبحانا وتنكيره وتنوينه ضرورة والمعروف فيه ان يضاف الى ما بعده أو يجعل مفردا معرفة كما تقدم في بيت الاعشى ، ووجه تنكيره وتنوينه أن يشبه ببراءة لأنه في معناها ، والجودى والجمد جبلان.