(١) أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا |
|
حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض |
وزعم الخليل أن معنى التثنية أنّه أراد تحنّنا بعد تحنّن كأنّه قال كلّما كنت في رحمة وخير منك فلا ينقطعنّ وليكن موصولا بآخر من رحمتك ، ومثل ذلك لبّيك وسعديك ، وسمعنا من العرب من يقول سبحان الله وحنانيه ، كأنّه قال سبحان الله واسترحاما ، كما قال سبحان الله وريحانه يريد واسترزاقه ، وأمّا قولك لبّيك وسعديك فانتصب هذا ، كما انتصب سبحان الله ، وهو أيضا بمنزلة قولك اذا اخبرت سمعا وطاعة إلا أنّ لبّيك لا تتصرّف ، كما أنّ سبحان الله وعمرك الله وقعدك الله لا تتصرّف ، ومن العرب من يقول سمع وطاعة أي أمرى سمع وطاعة بمنزلة :
* فقالت حنان ما أتي بك هاهنا*
وكما قال سلام والذي يرتفع عليه حنان وسمع وطاعة غير مستعمل ، كما أنّ الذي ينتصب عليه لبّيك وسبحان الله غير مستعمل ، واذا قال سمعا وطاعة فهو في تزجية السمع والطاعة ، كما قال حمدا وشكرا على هذا التفسير ، ومثل ذلك حذاريك كأنه قال ليكن منك حذر بعد حذر كأنّه أراد بقوله لبّيك وسعديك إجابة بعد إجابة كأنّه يقول كلما أجبتك في أمر فأنا في الأمر الآخر مجيب وكأنّ هذه التثنية أشدّ توكيدا ، ومثله إلا أنه قد يكون حالا وقع عليه الفعل قول الشاعر (وهو عبد بني الحسحاس واسمه سحيم الاسود) : [طويل]
__________________
(٢٨٢) الشاهد فيه نصب حنانيك على المصدر الموضوع موضع الفعل ، والتقدير تحنن علينا تحننا وثني مبالغة وتكثيرا أي تحنن تحننا بعد تحنن ولم يقصد بهذا مقصدا لتثنية خاصة وإنما يراد به التكثير فجعلت التثنية علما لذلك لأنها أول تضعيف العدد وتكثيره ، وكذلك ما جاء من نحوه في الباب* خاطب عمرو بن هند الملك وكنيته ابو المنذر حين أمر بقتله وذكر قتله لمن قتل من قومه تحريضا لهم على طلب ثاره.