(١) أنصب للمنيّة تعتريهم |
|
رجالي أم هم درج السّيول |
ويقال رجع أدراجه أي رجع في الطريق الذي جاء فيه ، هذا معناه فاجرى مجرى ما قبله كما أجروا ذلك المجرى درج السيول ، وأما ما يرتفع من هذا الباب فقولك هو مني فرسخان وهو منّي عدوة الفرس ودعوة الرجل وغلوة السهم وهو مني يومان وهو مني فوت اليد ، فانما فارق هذا الباب الأوّل لأنّ معنى هذا أنه يخبر أنّ بينه وبينه فرسخين ويومين ودعوة الرجل وفوتا ومعنى فوت اليد أنه يريد أن يقرّب ما بينه وبينه فهذا على المعنى وجرى على الكلام الأوّل كأنّه هو لسعة الكلام كما قالوا أخطب ما يكون الامير يوم الجمعة ، وأما قول العرب أنت منى مرأى ومسمع فانما رفعوه لأنهم جعلوه هو الأول حتى صار بمنزلة قولهم أنت منى قريب ، وزعم يونس أن ناسا من العرب يقولون : [وافر]
أنصب للمنيّة تعتريهم |
|
رجالي أم هم درج السيّول |
فجعلهم هم الدّرج كما قال زيد قصدك اذا جعلت القصد زيدا ، وكما يجوز لك أن تقول عبد الله خلفك اذا جعلته هو الخلف ، واعلم أن هذه الظروف بعضها أشدّ تمكّنا في أن يكون اسما من بعض كالقصد والنّحو والقبل والناحية ، وأما الخلف والأمام والتّحت والدّون فتكون أسماء وكينونة تلك أسماء أكثر وأجرى في كلامهم وكذلك مرأى ومسمع كينونتهما أسماء أكثر ومع ذلك إنهم جعلوه اسما خاصا بمنزلة المجلس والمتّكا وما أشبه ذلك فكرهوا أن يجعلوه ظرفا ، وقد زعموا أنّ بعض الناس ينصبه يجعله بمنزلة درج السيل فينصبه وهو قليل كأنهم لما قالوا بمرأى ومسمع فصار
__________________
(٣١٩) الشاهد فيه نصب درج السيول على الظرف وهو كالذي قبله وعلته كعلته والدرج طرق يجاء فيها ويذهب يقول باكيا على قومه لكثرة من فقد منهم أهم نصب للمنية تدور عليهم لا تتخطاهم أم هم درج السيول تحجف بهم وتذهبهم ، والنصب ما نصب للعبادة ونحوها مما يلتزم ويدار حوله ومعنى تعتريهم تتردد عليهم وتغشاهم.