فهلّا دينارا إلّا أنهما مما يكون بعدهما الفعل ، ألا ترى أنك لو قلت رأيت زيدا فأين عمرا أو فهل بشرا لم يجز ، وقد بيّن ترك إضمار الفعل فيما مضي ، ولكن وبل لا يبتدآن ولا يكونان إلا على كلام فشبّهن بامّا وأو ونحوهما ومما جرى نعتا على غير وجه الكلام هذا حجر ضبّ خرب ، فالوجه الرفع وهو كلام أكثر العرب وأفصحهم ، وهو القياس لأن الخرب نعت الحجر والحجر رفع ، ولكنّ بعض العرب يجرّه وليس بنعت للضبّ ولكنه نعت للذي أضيف الى الضبّ فجرّوه لأنه نكرة كالضبّ ولأنه في موضع يقع فيه نعت الضبّ ولأنه صار هو والضبّ بمنزلة اسم واحد ألا ترى أنك تقول هذا حبّ رمّان فاذا كان لك قلت هذا حبّ رمّاني فأضفت الرمّان اليك وليس لك الرمّان انما لك الحبّ ، ومثل ذلك هذه ثلاثة أثوابك ، فكذلك يقع على حجر ضبّ ما يقع من حبّ رمّان ، تقول هذا حجر ضبّي وليس لك الضبّ انما لك حجر ضبّ فلم يمنعك ذلك من أن قلت حجر ضبّي والحجر والضبّ بمنزلة اسم مفرد فانجرّ الخرب على الضبّ كما أضفت الحجر اليك مع اضافة الضبّ ، مع أنهم أتبعوا الجرّ الجرّ كما أتبعوا الكسر الكسر ، نحو قولك بهم وبدارهم وما أشبه هذا ، وكلا التفسيرين تفسير الخليل ، وكان كلّ واحد منهما عنده وجها من التفسير ، وقال الخليل لا يقولون إلا هذان حجرا ضبّ خربان ، من قبل أنّ الضب واحد والحجر حجران ، وإنما يغلطون اذا كان الآخر بعدّة الأوّل وكان مذكّرا مثله أو مؤنّثا ، وقال هذه حجرة ضباب خربة لأن الضّباب مؤنّثة والعدّة واحدة فغلطوا ، فهذا قول الخليل ، ولا نرى هذا والأوّل إلا سواء لأنه اذا قال هذا حجر ضبّ متهدّم ففيه من البيان أنه ليس بالضبّ مثل ما في التثنية من البيان أنه ليس بالضبّ وقال العجّاج :
(١) * كأنّ غزل العنكبوت المرمل*
__________________
(٣٣٠) الشاهد فيه جرى المرمل على العنكبوت نعتا لها في اللفظ لقرب جوارها منه وكان الخليل رحمهالله لا يجيز مثل هذا حتى يكون المتجاوران مستويين في التعريف والتنكير ـ