قيام ، فصار النعت هيهنا مع الاسماء بمنزلة اسم واحد ، وتقول مررت بأربعة ، صريع وجريح لأنّ الصريع والجريح غير الأربعة فصار على قولك منهم صريع وجريح ، ومن النعت أيضا مررت برجل مثل رجلين وذلك في الغناء والجزء ، وهذا مثل قولك مررت ببرّ ملء قد حين ، فالذي يضاف اليه الملء مقياس ومكيال ومثقال ونحوه والأوّل موزون ومقيس ومكيل ، وكذلك مررت برجلين مثل رجل في الغناء كقولك ببرّين ملء قدح وتقول مررت برجل أسد شدّة وجرأة ، إنما تريد مثل الأسد ؛ وهذا ضعيف قبيح لأنه اسم لم يجعل صفة ، وانما قاله النحويّون تشبيها بقولهم مررت بزيد أسدا شدّة ، وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة ، ومثله مررت برجل نار حمرة ، ومنه أيضا ما مررت برجل صالح بل طالح وما مررت برجل كريم بل لئيم أبدلت الصفة الآخرة من الصفة الأولى وأشركت بينهما بل في الاجراء على المنعوت وكذلك مررت برجل صالح بل طالح ، ولكنه يجىء على النّسيان أو الغلط فيتدارك كلامه لأنه ابتدأ بواجب ومثله ما مررت برجل صالح ولكن طالح أبدلت الآخر من الأوّل فجرى مجراه ، فان قلت مررت برجل صالح ولكن طالح فهو محال لأنّ لكن لا يتدارك بها بعد إيجاب ولكنها يثبت بها بعد النفي ، وإن شئت رفعت فابتدأت على هو فقلت ما مررت برجل صالح ولكن طالح ، وما مررت برجل صالح بل طالح ، ومررت برجل صالح بل طالح لأنها من الحروف التي يبتدأ بها ، ومن ذلك قوله عزوجل (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) فالرفع هيهنا بعد النصب كالرفع بعد الجرّ وإن شئت كان الجرّ على أن يكون بدلا على الباء.
وأعلم أنّ بل ولا بل ولكن يشركن بين النعتين فيجريان على المنعوت كما أشركت بينهما الواو والفاء وثمّ وأو ولا وإمّا ، وما أشبه ذلك ، وتقول ما مررت برجل مسلم فكيف رجل راغب في الصّدقة ، بمنزلة فأين راغب في الصدقة ، وزعم يونس أن الحرّ خطأ لأنّ أين ونحوها يبتدأ بهنّ ولا يضمر بعدهنّ شيء كقولك