بقلبه دون عينه فصار ما اجتمع فيه شيئان أخصّ.
واعلم أنّ المبهمة توصف بالأسماء التي فيها الألف واللام والصفات التي فيها الألف واللام جميعا ، وانما وصفت بالأسماء التي فيها الألف واللام لأنها والمبهمة كشيء واحد ، والصفات التي فيها الألف واللام هي بمنزلة الأسماء في هذا الموضع وليست بمنزلة الصفات في زيد وعمرو اذا قلت مررت بزيد الطويل لأني لا أريد أن أجعل هذا اسما خاصّا ولا صفة له يعرف بها ، وكأنك أردت أن تقول مررت بالرجل ولكنك إنما ذكرت هذا لتقرّب به الشيء وتشير اليه ، ويدلّك على ذلك أنك لا تقول مررت بهذين الطويل والقصير وأنت تريد أن تجعله من الاسم الأوّل بمنزلة هذا الرجل ، ولا تقول مررت بهذا ذي المال كما قلت مررت بزيد ذي المال.
واعلم أنّ صفات المعرفة تجري من المعرفة مجرى صفات النكرة من النكرة ، وذلك قولك مررت بأخويك الطويلين ، فليس في هذا إلا الجرّ كما ليس في قولك مررت برجل طويل إلا الجرّ ، وتقول مررت بأخويك الطويل والقصير ، ومررت بأخويك الراكع والساجد ، ففي هذا البدل وفي هذا الصفة وفيه الابتداء كما كان ذلك في مررت برجلين صالح وطالح ، واذا قلت مررت بزيد الراكع ثمّ الساجد أو الراكع فالساجد أو الراكع لا الساجد ، أو الراكع أو الساجد ، أو إما الراكع ، وإما الساجد ، وما أشبه هذا لم يكن وجه كلامه إلا الجرّ كما كان ذلك في النكرة ، فان أدخلت بل ولكن جاز فيهما ما جاز في النكرة فعلى هذا فقس المعرفة.
واعلم أنّ كلّ شيء كان للنكرة صفة فهو للمعرفة خبر ، وذلك قولك مررت بأخويك قائمين فالقائمان هنا نصب على حدّ الصفة في النكرة ، وتقول مررت بأخويك مسلما وكافرا ، هذا على من جرّ وجعلهما صفة للنكرة ومن جعلهما بدلا من النكرة جعلهما بدلا من المعرفة كما قال الله عزوجل (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) وأنشد لبعض العرب الموثوق بهم : [كامل]