أبواك اذا أردت الصفة جرى مجرى حسن وكريم وإنما قالت العرب قال قومك وقال أبواك لأنهم اكتفوا بما أظهروا عن أن يقولوا قالا أبواك ، وقالوا قومك فحذفوا ذلك اكتفاء بما أظهروا ، قال الشاعر : [بسيط]
(١) أليس أكرم خلق الله قد علموا |
|
عند الحفاظ بنو عمرو بن حنجود |
صار ليس هيهنا بمنزلة ضرب قومك بنو فلان لأن ليس فعل ، فاذا بدأت بالاسم قلت قومك قالوا ذاك وأبواك قد ذهبا ، لأنه قد وقع هيهنا اضمار في الفعل ، وهو أسماؤهم فلا بدّ للمضمر أن يجىء بمنزلة المظهر وحين قلت ذهب قومك لم يكن في ذهب إضمار ، وكذلك قالت جاريتاك وقالت نساؤك إلا أنهم أدخلوا التاء ليفصلوا بين التأنيث والتذكير وحذفوا الألف والنون لما بدؤا بالفعل في تثنية المؤنّث وجمعه كما حذفوا ذلك في التذكير ، فان بدأت بالاسم قلت نساؤك قلت ذاك كما قلت قومك قالوا ذاك ، وتقول جاريتاك قالتا كما تقول أبواك قالا لأن في قلن وقالتا اضمارا كما كان في قالا وقالوا ، واذا قلت ذهبت جاريتاك أو جاءت نساؤك فليس في الفعل إضمار ، ففصلوا بينهما في التذكير والتأنيث ولم يفصلوا بينهما في التثنية والجمع وانما جاؤوا بالتاء للتأنيث لأنها ليست علامة إضمار كالواو والألف وانما هي كهاء التأنيث في طلحة وليست باسم ، وقال بعض العرب قال فلانة ، وكلما طال الكلام فهو أحسن ، نحو قولك حضر القاضي امرأة لأنه اذا طال الكلام كان الحذف أجمل ، وكأنه شيء يصير بدلا من شيء كالمعاقبة نحو زنادقة وزناديق ، فيحذف الياء لمكان الهاء ، وكما قالوا في مغتلم مغيلم ومغيلبيم وكأنّ الياء صارت بدلا لما حذفوا وإنما حذفوا التاء ، لأنهم صار عندهم إظهار المؤنّث يكفيهم عن ذكرهم التاء كما كفاهم الجميع والاثنان حين أظهروهم عن الواو والألف وهذا في الواحد من الحيوان قليل ، وهو في الموات كثير ففرقوا بين الموات والحيوان كما فرقوا بين الآدميّين وغيرهم ، تقول هم ذاهبون وهم في الدار ولا تقول جمالك ذاهبون ولا هم في الدار وأنت تعني الجمال ولكنك
__________________
(٣٤٤) الشاهد فيه أفراد ليس وان كانت فعلا لجماعة على قياس الافعال المتقدمة على فاعلها والتقدير أليس بنو عمرو بن حنجود أكرم خلق الله ، وقوله قد علموا أي قد علم الناس ذلك ، والحفاظ المحافظة على الأعراض في حرب أو هجاء.