تقول هنّ وهي وذاهبات وذاهبة ، ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء قوله عزوجل (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) وقوله (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) وهذا النحو كثير في القرآن ، وهو في الواحدة اذا كانت من الآدميّين أقلّ منه في سائر الحيوان ، ألا ترى أن لهم في الجمع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأوّلون وأنهم قد فضّلوا بما لم يفضّل به غيرهم من العقل والعلم ، فأما الجمع من الحيوان الذي يكسّر عليه الواحد فبمنزلة الجميع من غيره الذي يكسّر عليه الواحد في أنه مؤنّث ، ألا ترى أنك تقول هو رجل وتقول هي الرّجال فيجوز لك ، وتقول هو جمل وهي الجمال ، وهو غير وهي الأعيار ، فجرت هذه كلّها مجرى هي الجذوع ، وما أشبه ذلك يجرى هذا المجرى لأنّ الجميع يؤنّث وان كان كلّ واحد منه مذكّرا من الحيوان ، فلما كان كذلك صيّروه بمنزلة الموات لأنه قد خرج من الأول الامكن حيث أردت الجمع فلما كان ذلك احتملوا أن يجروه مجرى جمع الموات قالوا جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك ، وقالوا فيما لم يكسّر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع كما قالوا في هذا ، كما قال عزوجل (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) اذا كان في معنى الجمع وذلك قوله (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ).
واعلم أنّ من العرب من يقول ضربوني قومك وضرباني أخواك فشبّهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في قالت فلانة فكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنّث وهي قليلة ، قال الشاعر (وهو الفرزدق) : [طويل]
(١) ولكن ديافي أبوه وأمّه |
|
بحوران يعصرن السّليط أقاربه |
__________________
(٣٤٥) الشاهد في قوله يعصرن فأتى بضمير الاقارب في الفعل وهو مقدم على لغة من ثني الفعل وجمعه مقدما ليدل على انه لاثنين أو لجماعة كما تلحقه علامة التأنيث ، دلالة على أنه لمؤنث ، والشائع في كلامهم أفراده لأن ما بعده من ذكر لاثنين والجماعة يغنى عن تثنيته وجمعه ، وأما تأنيثه فلازم لأن الاسم المؤنث قد يقع لمذكر فلو حذفت علامة التأنيث من فعل المؤنث لا لتبس بفعل المذكر* هجا رجلا فجعله من أهل القرى المعتملين لاقامة عيشهم ونفاه عما عليه العرب من الانتجاع والحرب ، ودياف قرية بالشأم والسليط الزيت ويقال هو ـ