وأما قوله عزوجل (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) فانه يجىء على البدل أو كأنه قال انطلقوا فقيل له من فقال بنو فلان فقوله (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) على هذا فيما زعم يونس ، وقال الخليل فعلى هذا المثال تجري هذه الصفات ، وكذلك شاب وشيخ وكهل ، اذا أردت شابّين وشيخين وكهلين تقول مررت برجل كهل أصحابه ومررت برجل شاب أبواه ، قال الخليل فان ثنيّت أو جمعت فان أحسنه أن تقول مررت برجل قرشيّان أبواه ومررت برجل كهلون أصحابه تجعله اسما بمنزلة قولك مررت برجل خز صفّته ، وقال الخليل من قال أكلوني البراغيث اجرى هذا على أوّله فقال مررت برجل حسنين أبواه ومررت بقوم قرشيّين آباؤهم ، وكذلك أفعل نحو أعور وأحمر تقول مررت برجل أعور أبواه وأحمر أبواه ، فان ثنّيت قلت مررت برجل أحمران أبواه ، تجعله اسما ، ومن قال أكلوني البراغيث قلت على حدّ قوله مررت برجل أعورين أبواه ، وتقول مررت برجل أعور آباؤه كأنك تكلّمت به على حدّ أعورين وان لم يتكلّم به كما توهّموا في هلكي وموتي ومرضي أنه فعل بهم فجاؤوا به على مثال جرحى وقتلى ولا يقال هليك ولا مرض ولا مويت ، قال الشاعر (وهو النابغة الجعدي) [طويل]
(١) ولا يشعر الرّمح الأصمّ كعوبه |
|
بثروة رهط الأعيط المتظلّم |
__________________
ـ دهن السمسم ، وهو هنا الزيت خاصة لأن الشام كثيرة الزيتون ، وجوران من مدن الشام وأنت ضمير الأقارب لانه أراد الجماعات
(٣٤٦) الشاهد فيه رفع الكعوب بالاصم وافراده تشبيها له بما يسلم جمعه من الصفات على ما بينه سيبويه في الباب وكان وجه الكلام أن يقول الصم كعوبه لان أصم مما لا يسلم جمعه انما يجري على التكسير* يقول هذا متوعدا أي من كان كثير العدد وعزيزا فالرمح لا يشعر به ولا يباليه ، والاصم هنا الصلب والكعوب العقد الفاصلة بين أنابيب القناة واذا صلبت كعوبها صلب سائرها ، والثروة كثرة العدد وهي أيضا كثرة المال والأعيط الطويل ، وأكمة عيطاء أي طويلة مشرفة ، وأراد به هيهنا المتطاول كبرا والمتظلم الظالم ، ويقال تظلمته حقه وظلمته بمعنى ، ويروى رهط الابلخ وهو المتكبر الشامخ بأنفه ، ويروي أنه لما قال هذا قال له المتوعد لكن حامله يشعر فيقدعه يا أبا ليلى فأقحمه وغلبه بالكلام.