وأحسن من ذلك اعور قومك ، ومررت برجل صمّ قومه وتقول مررت برجل حسان قومه ، وليس يجري هذا مجرى الفعل انما يجري مجرى الفعل ما دخله الألف والنون والواو والنون في التثنية والجمع ولم يغيرّه ، نحو قولك حسن وحسنان فالتثنية لم تغيّر بناءه وتقول حسنون ، فالواو والنون لم تغيّر الواحد فصار هذا بمنزلة قالا وقالوا ، لأن الألف والواو لم تغيّر فعل ، وأما حسان وعور فانه اسم كسّر عليه الواحد فجاء مبنيّا على مثال كبناء الواحد وخرج من بناء الواحد الى بناء آخر لا تلحقه في آخره زيادة كالزيادة التي لحقت في قرشيّ في الاثنين والجميع ، فهذا الجميع له بناء بني عليه ، كما بني الواحد على مثاله فأجرى مجرى الواحد ، ومما يدلك على أنّ هذا الجميع ليس كالفعل أنه ليس شيء من الفعل اذا كان للجميع يجيء مبنيّا على غير بنائه اذا كان للواحد ، فمن ثمّ صار حسان وما أشبهه بمنزلة الاسم الواحد ، نحو مررت برجل جنب أصحابه ومررت برجل صرورة قومه فاللفظ واحد والمعنى جميع.
واعلم أنّ ما كان يجمع بغير الواو والنون نحو حسن وحسان فانّ الأجود فيه أن يجعل بمنزلة الفعل المتقدّم فتقول مررت برجل منطلق قومه.
واعلم أنه من قال ذهب نساؤك ، قال أذاهب نساؤك ، ومن قال فمن جاءه موعظة من ربّه قال أجائيّ موعظة يذهب الهاء هيهنا كما يذهب التاء في الفعل وكان أبو عمرو يقرأ خاشعا أبصارهم ، قال أبو ذؤيب الهذلي : [متقارب]
(١) بعيد الغزاة فما إن يزا |
|
ل مضطمرا طرّتاه طليحا |
وقال الفرزدق : [طويل]
(٢) وكنّا ورثناه على عهد تبّع |
|
طويلا سواريه شديدا دعائمه |
__________________
(٣٤٧) الشاهد فيه حذف الهاء من مضطمرة لأن الطرة في معنى الجانب فتأنيثها غير حقيقي فلذلك حسن حذف الهاء* مدح الزبير رضياللهعنه فيقول هو بعيد الغزو لبعد همته ملازم للاسفار ولا يزال مضطمر الجانبين معييا والطليح المعبي.
(٣٤٨) الشاهد فيه حذف الهاء من طويلة وشديدة والقول فيه كالقول في الذي قبله ـ