في الاحتياج اليه ثمّه وسنبين لك ان شاء الله وذلك قولك كان ويكون وصار ومادام وليس وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغنى عن الخبر تقول كان عبد الله أخاك فانما أردت أن تخبر عن الأخوة وأدخلت كان لتجعل ذلك فيما مضى وذكرت الأول كما ذكرت المفعول الأول في ظننت وان شئت قلت كان أخاك عبد الله فقدمت وأخّرت كما فعلت ذلك في ضرب لأنه فعل مثله وحال التقديم والتأخير فيه كحاله في ضرب إلا أنّ اسم الفاعل والمفعول فيه لشيء واحد وتقول كنّاهم كما تقول ضربناهم وتقول إذا لم نكنهم فمن ذا يكونهم كما تقول اذا لم نضربهم فمن ذا يضربهم قال أبو الأسود الدّؤلي : (واسمه ظالم بن عمرو)[طويل]
(١) فان لا يكنها أو تكنه فانه |
|
أخوها غذته أمّه بلبانها |
فهو كائن ومكون كما كان ضارب ومضروب وقد يكون لكان موضع آخر يقتصر على الفاعل فيه تقول قد كان عبد الله أي قد خلق عبد الله وقد كان الأمر أي وقع الأمر وقد دام فلان أي ثبت كما تقول رأيت زيدا تريد رؤية العين وكما تقول أنا وجدته تريد وجدان الضالة وكما يكون أصبح وأمسى مرة بمنزلة كان ومرّة بمنزلة قولك استيقظوا وناموا وأما ليس فانه لا يكون فيها ذلك لانها وضعت موضعا واحدا ومن ثم لم تصرّف تصرف الفعل الآخر فمّا جاء على وقع قول الشاعر وهو مقاس العائذيّ : [طويل]
(٢) فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي |
|
إذا كان يوم ذو كواكب أشهب |
أي إذا وقع ، وقال عمرو بن شأس : [طويل]
__________________
(٢٦) أراد سيبويه أنها لتصرفها تجري مجرى الأفعال الحقيقية في عملها فيتصل بها ضمير المفعول بالفعل الحقيقي في نحو ضربته وضربني وما أشبهه* وصف نبيذا لزبيب وأطلقه على مذهب العراقيين في الانبذة وحض على شربه وترك الخمر بعينها للاجماع على تحريمها وجعل الزبيب أخا للخمر لأن أصلهما الكرمة واستعار اللبان لما ذكره من الاخوة واللبان للآدميين واللبن لغيرهم ، وقد يكون اللبان جمع لبن في غير هذا الموضع.
(٢٧) أراد وقع يوم أو حضر يوم ونحو ذلك مما يقتصر فيه على الفاعل ، وأراد باليوم يوما من أيام الحرب* وصفه بالشدة فجعله كالليل تبدو فيه الكواكب ، ونسبه الى الشهبة إما لكثرة السلاح الصقيلة فيه واما لما ذكره من النجوم ، وذهل بن شيبان من بني بكر بن وائل ، وكان مقاس نازلا فيهم وأصله من قريش من عائذة وهم حي منهم ، وسمي مقاسا لبيت قاله وهو :
مقست بهم ليل الثمام مسهرا |
|
الى أن بدا ضوء من الفجر ساطع |