(١) بني أسد هل تعلمون بلاءنا |
|
إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا |
أضمر لعلم المخاطب بما يعني وهو اليوم وسمعت بعض العرب يقول أشنعا ويرفع ما قبله كأنه قال إذا وقع يوم ذو كواكب أشنعا* واعلم أنه إذا وقع في هذا الباب نكرة ومعرفة فالذي تشغل به كان المعرفة لأنه حدّ الكلام لأنهما شيء واحد وليس بمنزلة قولك ضرب رجل زيدا لانهما شيئآن مختلفان وهما في كان بمنزلتهما في الابتداء اذا قلت عبد الله منطلق تبتدىء بالأعرف ثمّ تذكر الخبر وذلك قولك كان زيد حليما وكان حليما زيد لا عليك أقدّمت أم أخرّت الا أنه على ما وصف لك في قولك ضرب زيدا عبد الله فاذا قلت كان زيد فقد ابتدأت بما هو معروف عنده مثله عندك فانما ينتظر الخبر فاذا قلت حليما فقد أعلمته مثل ما علمت وإذا قلت كان حليما فانما ينتظر أن تعرّفه صاحب الصفة فهو مبدوء به في الفعل وان كان مؤخرا في اللفظ فان قلت كان حليم أو رجل فقد بدأت بنكرة ولا يستقيم أن تخبر المخاطب عن المنكور وليس هذا بالذي ينزل به المخاطب منزلتك في المعرفة فكرهوا أن يقربوا باب ليس وقد تقول كان زيد الطويل منطلقا اذا خفت التباس الزيدين وتقول أسفيها كان زيد أم حليما ، وأرجلا كان زيد أم صبيا تجعلها لزيد لانه انما ينبغي لك أن تسأله عن خبر من هو معروف عنده كما حدّثته عن خبر من هو معروف عندك فالمعروف هو المبدوء به ولا يبدأ بما يكون فيه اللبس وهو النكرة ، ألا ترى أنك لو قلت كان رجل منطلقا أو كان إنسان حليما كنت تلبس لانه لا يستنكر أن يكون في الدنيا إنسان هكذا فكرهوا أن يبدئوا بما فيه اللبس ويجعلوا المعرفة خبرا لما يكون فيه هذا اللبس وقد يجوز في الشعر وفي ضعف من الكلام حملهم على ذلك أنه فعل بمنزلة ضرب وأنه قد يعلم إذا ذكرت زيدا وجعلته خبرا أنه صاحب الصفة على ضعف من الكلام وذلك قول خداش ابن زهير : [وافر]
__________________
(٢٨) أراد اذا كان اليوم يوما وأضمر لعلم المخاطب ، ومعناه اذا كان اليوم الذي يقع فيه القتال قال سيبويه وبعض العرب ينشده* اذا كان يوم ذو كواكب اشنعا* وتفسير هذا كالذي مر في البيت الذي قبله وفي نصب أشنعا تقدير ان أجودهما أن يكون نصبه على الحال المؤكدة لأنه اذا وصف اليوم بالكواكب فقد دل على الشنعة والحال المؤكدة تستعمل كثيرا كقولهم قم قائما وكما قال الله عزوجل (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) والتقدير الآخر أن يكون نصبه على الخبر المؤكد به والخبر لا يكاد يقع الا لفائدة يحتاج اليها لا يستغنى عن ذكرها وقد استغنى عنه هنا فلذلك قبح هذا التقدير وضعف.