يقول من العرب ما جاءت حاجتك كثير كما يقول من كانت أمّك ولم يقولوا ما جاء حاجتك كما قالوا من كان أمّك لانه بمنزلة المثل فألزموه التاء كما اتّفقوا على لعمر الله في اليمين وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول ما جاءت حاجتك فرفع ، ومثل قولهم ما جاءت حاجتك اذ صارت تقع على مؤنّث قراءة بعض القرّاء (ثمّ لم تكن فتنتهم الا أن قالوا) (وتلتقطه بعض السّيّارة) وربما قالوا في بعض الكلام ذهبت بعض أصابعه وانما أنّث البعض لانه أضافه الى مؤنث هو منه ولو لم يكن منه لم يؤنّثه لأنه لو قال ذهبت عبد أمّك لم يحسن ، ومما جاء مثله في الشعر قول الاعشي : [طويل]
(١) وتشرق بالقول الذي قد أذعته |
|
كما شرقت صدر القناة من الدّم |
لان صدر القناة من مؤنث ، ومثله قول جرير : [وافر]
(٢) اذا بعض السّنين تعرّقتنا |
|
كفى الأيتام فقد أبى اليتيم |
لان بعض هيهنا سنون ، ومثله قول جرير أيضا : [كامل]
__________________
(٣٤) استشهد به على تأنيث الصدر وهو مذكر لانه مضاف الى مؤنث هو منه والخبر عنه كالخبر عما أضيف اليه لان المعني في شرقت القناة وشرق صدر القناة واحد يخاطب بالبيت يزيد بن مسهر الشيباني وكانت بينهما مباينة ومهاجاة فيقول له يعود عليك مكروه ما أذعت عنى من القول ونسبته الى من القبيح فلا تجد منه مخلصا ، والشرق بالماء كالغصص بالطعام والجرض بالريق ، وانما شبه شرقه بشرق القناة مبالغة في وصف الشرق باللزوم لمواصلة صدر القناة الدم لمواصلة الطعن ، ومعنى أذعته نشرته وبثثته واذاعة السر افشاؤه وبثه.
(٣٥) استشهد به على تأنيث تعرقتنا فعل بعض لاضافته الى السنين ولانه أراد سنة فكأنه قال اذا سنة من السنين تعرقتنا ، عنى بالبيت هشام بن عبد الملك فيقول اذا أصابتنا سنة جدب تذهب المال قام للايتام مقام آبائهم لانه ذكر الايتام أولا ولكنه أفرد حملا على المعنى لأن الايتام هنا اسم جنس فواحدها ينوب مناب جمعها وجمعها ينوب مناب واحدها فمعنى كفى الايتام فقد أبى اليتيم ومعنى كفي اليتيم فقد أبيه واحد ومعنى تعرقتنا اذهبت أموالنا وأصله من تعرقت العظم اذا أذهبت ما عليه من اللحم.