قلت مررت بزيد الذي تعلم ، وإذا قلت مررت بزيد هذا فقد قلت بزيد الذي ترى أو الذي عندك ، واذا قلت مررت بقومك كلّهم فأنت لا تريد أن تقول مررت بقومك الذين من صفتهم كذا وكذا ، ولا مررت بقومك الهنين ، وعلى هذا المثال جاء مررت بأخيك زيد فليس زيد بمنزلة الألف واللام ، ومما يدلّك على أنه ليس بمنزلة الألف واللام أنه معرفة بنفسه لا بشيء دخل فيه ولا بما بعده ، فكلّ شىء جاز أن يكون هو والمبهم بمنزلة اسم واحد هو عطف عليه وإنما جرت المبهمة هذا المجرى لأن حالها ليس كحال غيرها من الأسماء ، وتقول يا أيّها الرجل وزيد الرجلين الصالحين من قبل أن رفعهما مختلف ، وذلك أن زيدا على النداء والرجل نعت ، ولو كان بمنزلته لقلت يا زيد ذو الجمّة كما تقول يا أيّها الرجل ذو الجمّة ، وهو قول الخليل.
واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف واللام البتّة إلا أنهم قد قالوا يا ألله اغفر لنا وذلك من قبل أنه اسم يلزمه الألف واللام يفارقانه وكثر في كلامهم فصار كأن الألف واللام فيه بمنزلة الألف واللام التي من نفس الكلمة وليس بمنزلة الذي قال ذلك من قبل أنّ الذي قال ذلك وإن كان لا يفارقه الألف واللام ليس اسما بمنزلة زيد وعمرو غالبا ، ألا ترى أنك تقول يا أيّها الذي قال ذاك ، ولو كان اسما غالبا بمنزلة زيد وعمرو لم يجز ذا فيه ، وكأنّ الاسم والله أعلم إله فلمّا أدخل فيه الألف واللام حذفوا الألف وصارت الألف واللام خلفا منها ، فهذا أيضا مما يقوّيه أن يكون بمنزلة ما هو من نفس الحرف ومثل ذلك أناس ، فاذا أدخلت الألف واللام قلت الناس إلا أنّ الناس قد يفارقهم الألف واللام ويكون نكرة والله لا يكون فيه ذلك تعالى ذكره ، وليس النّجم والدّبران بهذه المنزلة لأن هذه الأشياء الألف واللام فيها بمنزلتها في الصّعق وهي في الله بمنزلة شيء غير منفصل في الكلمة كما كانت الهاء في الجحاجحة بدلا من الياء ، وكما كانت الألف في يمان بدلا من الياء وغيروا هذا لأنّ الشيء إذا كثر في كلامهم كان له نحو ليس لغيره مما هو مثله ، ألا ترى أنك تقول لم أك ولا تقول لم أق اذا أردت أقل وتقول لا أدركما تقول هذا قاض ، وتقول لم أبل ولا تقول لم أرم تريد لم أرام فالعرب مما يغيّرون الأكثر في كلامهم عن حال نظائره ،