كما لا تثني لا في الأفعال التي هي بدل منها ، وذلك قولك لا مرحبا ولا أهلا ولا كرامة ولا مسرّة ولا شللا ولا سقيا ولا رعيا ولا هنيئا ولا مريّا ، صارت لا مع هذه الأسماء بمنزلة اسم منصوب ليس معه لا لأنها أجريت مجراها قبل أن تلحق لا ، ومثل ذلك لا سلام عليك لم تغيّر الكلام عما كان عليه قبل أن تلحق ، وقال جرير :
(١) ونبّئت جوّابا وسكنا يسبّني |
|
وعمرو بن عفرا لا سلام على عمر |
ولم يلزمك في ذا تثنية لا كما لم يلزمك ذلك في الفعل الذي فيه معناه ، وذلك لا سلمّ الله عليه فدخلت في ذا الباب لتنفي ما كان دعاء كما دخلت على الفعل الذي هو بدل من لفظه ، ومثل لا سلام على عمرو ، لابك السّوء لان معناه لا ساءك الله ، ومما جرى مجرى الدعاء مما هو تطلّق عند طلب الحاجة وبشاشة نحو كرامة ومسرّة ونعمة عين ، فدخلت على هذا كما دخلت على قوله ولا أكرمك ولا أسرّك ولا أنعمك عينا ، ولو قبح دخولها هيهنا لقبح في الاسم كما قبح في لا ضربا ، لأنه لا يجوز لا اضرب في الأمر ، وقد دخلت في موضع غير هذا فلم تغيره عن حاله قبل أن تدخله ، وذلك قولهم لا سواء ، وانما دخلت لا هيهنا لأنها عاقبت ما ارتفعت عليه سواء ، ألا ترى أنك لا تقول هذان لا سواء فجاز هذا كما جاز لاها الله ذا حين عاقبت ولم يجز ذكر الواو وقالوا لا نولك أن تفعل لأنهم جعلوه معاقبا لقوله لا ينبغي أن تفعل كذا وكذا وصار بدلا منه فدخل فيه ما دخل في ينبغي كما دخل في لا سلام ما دخل في سلّم.
واعلم أنّ لا قد تكون في بعض المواضع بمنزلة اسم واحد هي والمضاف اليه ليس معه شيء وذلك نحو قولك أخذته بلا ذنب وأخذته بلا شيء وغضبت من لا شيء وذهبت بلا عتاد ، والمعنى معنى ذهبت بغير عتاد وأخذته بغير ذنب اذا لم
__________________
(٥٣٣) الشاهد فيه رفع سلام على الابتداء وان كانت لا غير مكررة لأنه في المعنى بدل من اللفظ بالفعل والفعل لا يلزم معه تكرير لا وكأنه قال لا سلم الله عمرا لأن معنى قولهم سلام عليك سلمك الله وأفرد يسبني اكتفاء بخبر الواحد عن خبر الاثنين كما تقدم وقصر عفراء ضرورة.