ترد أن تجعل غير اشياء أخذه به يعتدّ به عليه ، ومثل ذلك قولك للرجل أجئتنا بغير شيء أي رائقا ، وتقول اذا قلّلت الشيء او صغّرت أمره ما كان إلا كلا شيء وإنك ولا شيئا سواء ، ومن هذا النحو قول الشاعر :
(١) تركتني حين لا مال أعيش به |
|
وحين جنّ زمان الناس أو كلبا |
والرفع عربي على قوله :
* حين لا مستصرخ ولا براح*
والنصب أجود وأكثر من الرفع لأنك اذا قلت لا غلام فهي أكثر من الرافعة التي بمنزلة ليس قال الشاعر :
(٢) * حنّت قلوصى حين لا حين محنّ*
وأمّا قول جرير : [بسيط]
(٣) ما بال جهلك بعد الحلم والدين |
|
وقد علاك مشيب حين لا حين |
فانما هو حين حين ولا بمنزلة ما اذا ألغيت.
__________________
(٥٣٤) الشاهد في اضافة حين الى المال والغاء لا وزيادتها في اللفظ على حد قولهم جئت بلا زاد وغضبت من لا شيء ولو رفع المال على شبه لا بليس لجاز* يرثي ابنا له فقده أحوج ما كان اليه لفقره وكلب الزمان وشدته وضرب الجنون والكلب مثلا لشدة الزمان ، وأصل الكلب السعار.
(٥٣٥) الشاهد فيه نصب حين بالتبرئة واضافة حين الأولى الى الجملة وخبر لا محذوف والتقدير حين لا حين محن لها أي حنت في غير وقت الحنين ، ولو جرا لحين على الغاء لا لجاز كالذي قبله ، والقلوص الناقة الفتية وهي من الابل كالجارية من الأناسى وحنينها صوتها شوقا الى أصحابها ، والمعني انها حنت اليها على بعد منها ولا سبيل لها اليها.
(٥٣٦) الشاهد فيه اضافة حين الأولى الى الآخرة على تقدير زيادة لا لفظا ومعني ، والمعني قد علاك مشيب حين حين وجوبه هذا تفسير سيبويه ، ويجوز أن يكون المعني ما بال جهلك بعد الحلم والدين حين لا حين جهل ولا صبا فيكون لا لغوا في اللفظ دون المعني ، وانما أضاف الحين الى الحين لأنه قد رأى أحدهما بمعني التوقيت فكأنه قال حين وقت حدوثه ووجوبه.