الأفعال التي الأسماء بعدها بمنزلتها في الابتداء إعلاما بأنه قد فصل الاسم وأنه فيما ينتظر المحدّث ويتوقّعه منه مما لا بدّ له من أن يذكره لأنك اذا ابتدأت الاسم فانما تبتدئه لما بعده ، فاذا ابتدأت فقد وجب عليك مذكور بعد المبتدإ لا بدّ منه وإلا فسد الكلام ولم يسغ لك ، فكأنه ذكر هو ليستدلّ المحدّث أنّ ما بعد الاسم ما يخرجه مما وجب عليه وأنّ ما بعد الاسم ليس منه ، هذا تفسير الخليل ، واذا صارت هذه الحروف فصلا وهذا موضع فصلها في كلام العرب فأجره كما أجروه فمن تلك الأفعال حسبت وخلت وظننت ورأيت اذا لم ترد رؤية العين ووجدت اذا لم ترد وجدان الضالّة وأرى وجعلت واذا لم ترد أن تجعلها بمنزلة عملته ، ولكن تجعلها بمنزلة صيّرته خيرا منك ، وكان وليس وأصبح وأمسى ، ويدلك على أنّ أصبح وأمسى كذلك أنك تقول أصبح أباك وأمسى أخاك فلو كانتا بمنزلة جاء وركب لقبح أن تقول أصبح العاقل وأمسى الظريف كما يقبح ذلك في ركب وجاء ونحوهما فمها يدلك على أنهما بمنزلة ظننت أنه يذكر بعد الاسم فيهما ما يذكر في الابتداء.
واعلم أن ما كان فصلا لا يغيّر ما بعده عن حاله التي كان عليها قبل أن يذكر وذلك قولك حسبت زيدا هو خيرا منك وكان عبد الله هو الظريف ، قال الله عزوجل (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ) وقد زعم ناس أن هو هيهنا صفة ، فكيف يكون صفة وليس في الدنيا عربي يجعلها صفة للمظهر ، ولو كان ذلك كذلك لجاز مررت بعبد الله هو نفسه فهو هيهنا مستكرهة لا يتكلّم بها العرب لأنه ليس من مواضعها عندهم ، ويدخل عليهم إن كان زيد لهو الظريف وان كنّا لنحن الصالحين فالعرب تنصب هذا والنحويّون أجمعون ، ولو كان صفة لم يجز أن يدخل عليه اللام لأنك لا تدخلها في ذا الموضع على الصفة فتقول ان كان زيد الظريف عاقلا ولا يكون هو ولا نحن هيهنا صفة وفيهما اللام ، ومن ذلك قوله عزوجل (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) كأنه قال ولا يحسبنّ الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم ولم يذكر البخل اجتزاء بعلم المخاطب بأنه البخل الذكره يبخلون ، ومثل ذلك قول العرب من كذب كان شرا له يريد كان