الكذب شرا له إلّا أنه استغنى بأن المخاطب قد علم انه الكذب لقوله كذب في أول حديثه فصارت هو هيهنا واخواتها بمنزلة ما اذا كانت لغوا في انها لا تغير ما بعدها عن حاله قبل أن تذكر.
واعلم أنها تكون في إنّ واخواتها فصلا وفي الابتداء ولكن ما بعدها مرفوع لأنه مرفوع قبل ان تذكر الفصل.
واعلم أن هو لا يحسن ان تكون فصلا حتى يكون ما بعدها معرفة او ما اشبه المعرفة مما طال ولم تدخله الألف واللام فضارع زيدا وعمرا نحو خير منك ومثلك وأفضل منك وشر منك ، كما أنها لا تكون في الفصل إلّا وقبلها معرفة أو ما ضارعها كذلك لا يكون ما بعدها إلّا معرفة أو ما ضارعها ، لو قلت كان زيد هو منطلقا كان قبيحا حتى تذكر الأسماء التي ذكرت لك من المعرفة أو ما ضارعها من النكرة مما لا يدخله الألف واللام وأما قوله عزوجل (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) فقد تكون أنا فصلا وصفة وكذلك (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) وقد جعل ناس كثير من العرب هو وأخواتها في هذا الباب اسما مبتدءا وما بعده مبني عليه فكأنه يقول أظنّ زيدا أبوه خير منه ووجدت عمرا اخوه خير منه ، فمن ذلك أنه بلغنا أنّ رؤبة كان يقول أظن زيدا هو خير منك ، وناس كثير من العرب يقولون (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) وقال الشاعر (وهو قيس بن ذريح) : [طويل]
(١) تبكى على لبنى وأنت تركتها |
|
وكنت عليها بالملا أنت أقدر |
وكان أبو عمرو يقول إن كان لهو العاقل ، وأما قولهم كلّ مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللّذان يهوّدانه وينصّرانه ففيه ثلاثة أوجه ، فالرفع من وجهين والنصب من وجه واحد ، فأحد وجهي الرفع أن يكون المولود مضمرا في يكون
__________________
(٥٩٢) الشاهد في ابتداء أنت ورفع أقدر على الخبر ولو كانت القوافي منصوبة لنصب أقدر وجعل أنت فصلا كما تقدم في الباب* وصف تتبع نفسه للبنى بعد أن طلقها والملا ما اتسع من الأرض أى كنت أقدر عليها وأنت مقيم بالملا معها قبل تطليقها يعنف نفسه على ما عمل.