وتقول حسبته شتمني فأثب عليه اذا لم يكن الوثوب واقعا ، ومعناه أن لو شتمني لو ثبت عليه ، وان كان الوثوب قد وقع فليس إلّا الرفع ، لأن هذا بمنزلة قوله ألست قد فعلت فأفعل.
واعلم أنك ان شئت قلت ائتني فأحدّثك ترفع ، وزعم الخليل أنك لم ترد أن تجعل الاتيان سببا لحديث ولكنك كأنك قلت ائتني فأنا ممن يحدّثك البتة جئت أو لم تجيء ، قال النابغة الذبياني : [طويل]
(١) ولا زال قبر بين تبنى وجاسم |
|
عليه من الوسمىّ جود ووابل |
فينبت حوذانا وعوفا منوّرا |
|
سأتبعه من خير ما قال قائل |
وذلك أنه لم يرد أن يجعل النبات جوابا لقوله ، ولا زال ولا أن يكون متعلّقا به ولكنه دعا ثم أخبر بقصّة السحاب كأنه قال فذاك ينبت حوذانا ، قال الخليل ولو نصب هذا البيت لجاز ولكنا قبلناه رفعا ، وقال (جميل بن معمر) : [طويل]
(٢) ألم تسأل الرّبع القواء فينطق |
|
وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق |
لم يجعل الأول سببا للآخر ولكنه جعله ينطق على كل حال كأنه قال فهو مما ينطق كما قال ائتني فأحدّثك فجعل نفسه ممن يحدّثه على كل حال ، وزعم يونس أنه سمع هذا البيت بألم وانما كتبت ذا لئلا يقول انسان فلعلّ الشاعر قال ألا ، وسألت الخليل عن قول الأعشى :
__________________
(٦١٩) الشاهد فيه رفع فينبت لأنه جعله خبرا عن الغيث واجبا وتفسيرا لحاله ثابتا والمعنى فينبت ذلك الغيث حوذانا وهو ضرب من النبت طيب الريح وكذلك العوف طيب الريح ، ورثي بهذا النعمان بن الحرث الغساني وتبني وجاسم موضعان بالشام ، ويروى بين بصرى وهي من مدن الشام والجود والوابل أغزر المطر وخص الوسمي لأنه أطرق المطر عندهم لاتيانه عقب القيظ.
(٦٢٠) الشاهد فيه رفع ينطق على الاستئناف والقطع على معنى فهو ينطق وايجاب ذلك له ولو أمكنه النصب على الجواب لكان أحسن والقواء القفر وجعله ناطقا للاعتبار بدروسه وتغيره ، ثم حقق أنه لا يجيب ولا يخبر سائله لعدم القاطنين به فقال وهل يخبرنك اليوم بيداء وهي القفر ، والسملق التي لا شيء بها.