فقوله يغدوا بدل من لا يحفلوا وغدوّهم مرجّلين يفسّر أنهم لم يحفلوا ، وسألته هل يكون إن تأتنا تسألنا نعطك فقال هذا يجوز على غير أن يكون مثل الأوّل لأن الأوّل الفعل والآخر تفسير له وهو هو والسّؤال لا يكون الاتيان ولكنه يجوز على الغلط والنّسيان ثم يتدارك كلامه ونظير ذلك في الأسماء مررت برجل حمار كأنه نسى ثم تدارك كلامه ، وسألته عن قوله عزوجل (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) فقال هذا كالأوّل لأنّ مضاعفة العذاب هو لقيّ الآثام ، ومثل ذلك من الكلام إن تأتنا نحسن اليك نعطك ونحملك ، تفسّر الاحسان بشيء هو هو وتجعل الآخر بدلا من الأول ، فان قلت إن تأتني آتك أقل ذاك كان غير جائز لأنّ القول ليس بالاتيان إلا أن تجيزه على ما جاز عليه تسألنا.
وأمّا ما ينجزم بين المجزومين فقولك إن تأتني ثمّ تسألني أعطك وإن تأتني فتسألنى أعطك وإن تأتني وتسألني أعطك ، وذلك لأن هذه الحروف يشركن الآخر فيما دخل فيه الأول وكذلك أو وما أشبههن ، ولا يجوز في ذا الفعل الرفع ، وانما كان الرفع في قوله : متى تأته تعشو ، لأنه في موضع عاش كأنه قال متى تأته عاشيا ، ولو قلت متى تأته وعاشيا كان محالا فانما أمرهنّ أن يشركن بين الأول والآخر ، وسألت الخليل عن قوله إن تأتني فتحدّثني أحدّثك وان تأتني وتحدّثني أحدّثك فقال هذا يجوز والجزم الوجه ، ووجه نصبه على أنه حمل الآخر على الاسم كأنه أراد إن يكن اتيان فحديث أحدّثك ، فلما قبح أن يرد الفعل على الاسم نوى أن لأن الفعل معها اسم ، وإنما كان الجزم الوجه لأنه اذا نصب ، كان المعنى معنى الجزم فيما أراد من الحديث ، فلما كان ذلك كان أن يحمل على الذي عمل فيما يليه أولى وكرهوا أن يتخطّوا به من بابه الى باب آخر اذا كان يريد شيئا واحدا ، وسألته عن قول ابن زهير : [طويل]
__________________
ـ مرجلين دليل على أنهم لم يحفلوا بقبيح ما أتوه فهو تفسير له ، وتبيين والترجيل مشط الشعر وتليينه بالدهن ويقال ما حفلت بكذا أي ما باليت به.