(١) ومن لا يقدّم رجله مطمئنة |
|
فيثبتها في مستوى الأرض يزلق |
فقال النصب في هذا جيد لأنه أراد هاهنا من المعنى ما أراد في قوله لا تأتينا الا لم تحدّثنا فكأنه قال من لا يقدّم إلّا لم يثبت زلق ، ولا يكون أبدا اذا قلت إن تأتني فأحدّثك الفعل الآخر الّا رفعا وإنما منعه أن يكون مثل ما انتصب بين المجزومين أنّ هذا منقطع من الأول ، ألا ترى أنك اذا قلت ان يكن اتيان فحديث أحدّثك فالحديث متصل بالأول شريك له ، وإذا قلت ان يكن اتيان فحديث ثم سكتّ وجعلته جوابا لم يشرك الأول وكان مرتفعا بالابتداء ، وتقول ان تأتني آتك فأحدّثك هذا الوجه وان شئت ابتدأت وكذلك الواو وثمّ ، وان شئت نصبت بالواو والفاء كما نصبت ما كان بين المجزومين.
واعلم أنّ ثمّ لا ينصب بها كما ينصب بالواو والفاء ولم يجعلوها مما يضمر بعده أن وليس يدخلها من المعاني ما يدخل في الفاء وليس معناها معنى الواو ولكنها تشرك ويبتدأ بها.
واعلم أن ثمّ اذا أدخلته على الفعل الذى بين المجزومين لم يكن الّا جزما لأنه ليس مما ينصب ، ولا يحسن الابتداء لأن ما قبله لم ينقطع وكذلك الفاء والواو وأو اذا لم ترد بهن النصب ، فاذا انقضى الكلام ثم جئت بثمّ فان شئت جزمت وإن شئت رفعت وكذلك الواو والفاء ، قال الله تعالى (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) وقال تعالى (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) الا أنه قد يجوز النصب بالفاء والواو وبلغنا أن بعضهم قرأ (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وتقول ان تأتني فهو خير لك وأكرمك وان تأتني فأنا آتيك وأحسن اليك وقال عزوجل (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) والرفع هيهنا وجه الكلام وهو الجيّد ، لأن الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء فجرى الفعل هنا كما كان يجري في غير الجزاء ، وقد
__________________
(٦٧٦) الشاهد في نصب يثبتها باضمار أن على جواب النفي والمعنى من لا يقدم رجله مثبتا لها في موضع مستو زلق وهذا مثل أي من لم يتأهب للأمر قبل محاولته أخطا في تدبيره.