حدّثنا به أبو الخطّاب عن شاعره ، واذا قلت ضربوني وضربتهم قومك جعلت قومك بدلا من هم لان الفعل لا بدّ له من فاعل والفاعل هيهنا جماعة وضمير الجماعة الواو ، وكذلك تقول ضربوني وضربت قومك اذا أعملت الآخر فلا بدّ في الاوّل من ضمير الفاعل لانّ الفعل لا يخلو من فاعل ، وانما قلت ضربت وضربني قومك فلم تجعل في الاول الهاء والميم لانّ الفعل قد يكون بغير مفعول ولا يكون الفعل بغير فاعل.
وأما قول امرىء القيس : [طويل]
(١) فلو أن أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ولم أطلب قليل من المال |
فانما رفع لأنه لم يجعل القليل مطلوبا وانما كان المطلوب عنده الملك وجعل القليل كافيا ولو لم يرد ذلك ونصب فسد المعنى ، وقد يجوز ضربت وضربني زيدا ، لان بعضهم قد يقول متى رأيت أو قلت زيدا منطلقا ، والوجه متى رأيت أو قلت زيد منطلق ، ومثل ذلك في الجواز ضربني وضربت قومك ، والوجه أن تقول ضربوني وضربت قومك فتحمله على الآخر ، فان قلت ضربني وضربت قومك فجائز وهو قبيح أن تجعل اللفظ كالواحد كما تقول هو أحسن الفتيان وأجمله ، وأكرم بنيه وأنبله ، ولا بدّ من هذا لأنه لا يخلو الفعل من مضمر أو مظهر مرفوع من الاسماء كأنك قلت اذا مثلته ضربني من ثمّ وضربت قومك ، وترك ذلك أجود وأحسن للتبيان الذي يجيء بعده فأضمر من لذلك وهذا رديء في القياس يدخل عليه أن تقول أصحابك جلس فتضمر شيئا يكون في اللفظ واحدا فقولهم هو أظرف الفتيان وأجمله لا يقاس عليه ، ألا ترى أنك لو قلت وأنت تريد الجماعة هذا غلام القوم وصاحبه لم يحسن.
__________________
ـ من عمد البعير اذا تشدخ سنامه من داخله وأنث ضمير المنزل في قوله نغني بها لانه في معنى الدار والمنزلة والعصور الدهور ونصبها على الظرف ، ومعنى يقتدننا يملن بنا الى الصبا ويقدننا نحوه وواحدة الخرد خريدة وهي الخفرة الحيية والخدال جمع خدلة ، وهي الغليظة الساق الناعمة ومعنى نغنى نقم وقد تقدم تفسيره.
(٦٨) أراد كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك وعليه معنى الشعر ولو أعمل الثاني ونصب به القليل فسد المعنى* وصف بعد همته فيقول لو كان سعيي في الدنيا لأدنى حظ منها كفتني البلغة من العيش ولم أتجشم ما أتجشم.