بمنزلة فعل يرفع كأنك قلت ليس زيد ضربته ، وقد أنشد بعضهم هذا البيت رفعا قول مزاحم العقيلي : [طويل]
(١) وقالوا تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من وافى منى أنا عارف |
فان شئت حملته على ليس وان شئت حملته على «كلّه لم أصنع» وهو أبعد الوجهين ، وقد زعموا أن بعضهم يجعل ليس كما وذلك قليل لا يكاد يعرف فقد يجوز أن يكون منه ليس خلق مثله أشعر منه وليس قالها زيد ، وقال حميد الأرقط : [بسيط]
(٢) فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم |
|
وليس كلّ النّوى يلقي المساكين |
وقال هشام أخوذي الرّمّة : [بسيط]
(٣) هي الشّفاء لدائى لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الداء مبذول |
هذا كلّه سمع من العرب ، والحدّ والوجه أن تحمله على أنّ في ليس إضمارا وهذا مبتدأ كقولك إنه أمة الله ذاهبة إلا أنهم زعموا أن بعضهم قال ليس الطيب إلا المسك وما كان الطيب إلا المسك وان قلت ما أنا زيد لقيته رفعت إلا في قول من نصب زيدا لقيته ، وان كانت ما التي هي بمنزلة ليس فكذلك كأنك قلت لست زيد لقيته لأنك شغلت الفعل بأنا وهذا الكلام في موضع خبره وهو فيه أقوى لأنه عامل في الاسم الذي بعده ، وألف الاستفهام وما في لغة تميم يفصلن فلا يعملن ، فاذا اجتمع أنك تفصل وتعمل الحرف فهو أقوى ، وكذلك إني زيد لقيته وأنا عمرو ضربته وليتني عبد الله مررت به لأنه انما هو اسم مبتدأ ثم ابتدىء بعده أو اسم قد عمل فيه عامل ثم ابتدىء بعده والكلام في موضع خبره ، فأما قوله عزوجل (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) فانما جاء على زيدا ضربته وهو عربيّ كثير ، وقد قرأ بعضهم (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) إلا أن القراءة لا تخالف لأنها السّنّة ، وتقول كنت عبد الله لقيته لأنه ليس من الحروف التي ينصب ما بعدها كحروف الاستفهام وحروف الجزاء ولا ما شبّه بها وليس بفعل ذكرته ليعمل في شيء فينصبه أو يرفعه ثم يضمّ الى الكلام الاول الاسم بما يشرك
__________________
(١١١) تقدم تفسيره في ص ٤٩ رقم ـ ٥٨
(١١٢) تقدم شرحه في ص ٤٨ رقم ـ ٥٥
(١١٣) تقدم تفسيره في ص ٤٩ رقم ـ ٥٧.