مجال للتعرض لكلامه وكلام غيره ممن ذكر وجوها أخر في حقيقة الوضع ، لضيق المجال عن النقض والإبرام في ذلك بعد عدم ظهور الثمرة له. فراجع.
هذا والظاهر أن الوضع التعييني مختص بمثل الأعلام الشخصية والمفاهيم المخترعة المستحدثة ، حيث يتدرج الابتلاء بها ، ويلتفت من بيده أمرها إلى الحاجة لتعيين اللفظ الدال عليها ، فيختار لها لفظا خاصا لمناسبة ما ، ولو كانت مثل التبرك.
وأما المفاهيم العامة التي لا تخص طائفة مخصوصة والتي بها تقوم اللغة فمن البعيد جدا ابتناؤها على الوضع التعييني ، لتعذره عادة من شخص واحد أو أشخاص معدودين لكثرة المعاني الافرادية والتركيبية وتشعبها ، وعدم معروفية من له تلك الأهلية ، ليوكل إليه ذلك ويتابعه فيه الكل. ولذا لم ينقل ذلك في التواريخ مع أهميته جدا.
ومثله التصدي من كل من يبتلي بمعنى لوضع لفظ يخصه فيتابع فيه ، حتى تكاملت اللغة تدريجا.
فإن الالتفات للوضع ولفائدته بعيد عما عليه عامة الناس ـ في أول ابتلائهم بالمعنى ـ من سذاجة ، خصوصا مع عدم مألوفية الوضع لهم سابقا ، حيث لا همّ لهم إلا بيان المعنى بأي وجه أمكن من إشارة أو استعمال مجازي أو غيرهما.
على أنه لا يتيسر تبليغ الكل بالوضع الأول ، وتعدده يستلزم كثرة الاشتراك بالنحو الموجب لارتباك اللغة وعدم تحقق غرض الوضع.
ومن هنا فقد قرب شيخنا الاستاذ (قدس سره) كون جميع تلك الأوضاع تعينية وأن مبدأها الاستعمال غير المسبوق بالوضع تبعا للحاجة