أولهما : الحمل الأولي الذاتي ، وهو الذي يكون ملاكه الاتحاد مفهوما والتغاير بالاعتبار ، كحمل أحد اللفظين المترادفين بما له من المعنى على الآخر (١) ، في مثل قولنا : (الانسان هو البشر) ، وحمل الحد التام على الماهية كقولنا : (الانسان حيوان ناطق) ، أو العكس ، كقولنا : (الحيوان الناطق هو الإنسان) ، فإن صحّ الحمل المذكور بين الشيئين ، ولم يصح سلبه علم وضع أحد اللفظين لمعنى الآخر ، وكونه حقيقة فيه ، وإن صحّ سلبه عنه ، ولم يصح حمله علم عدم وضعه له ، وكونه مجازا فيه لو استعمل فيه بما له من خصوصية مفهومية.
وقد استشكل في ذلك بعض الأعيان المحققين (قدس سره) بأنه إنما يتم في المترادفين ، دون الحمل في الحدود التامة ، لأن اختلاف الحدّ عن المحدود بالإجمال والتفصيل مانع من كون أحدهما مفهوما للآخر ، لأن مفهوم كل لفظ مفرد بسيط مجمل.
ويندفع : بأن الإجمال والتفصيل لا يوجبان اختلاف المفهوم ، بل اختلاف نحو الحكاية عنه ، وهو لا يخلّ باتحاد المحكي مفهوما.
نعم ، لو اريد بشرح الحقيقة شرح الأجزاء الخارجية دون المفهومية ، كشرح السيارة ببيان أجزائها ، اتجه ما ذكره (قدس سره) لعدم التطابق المفهومي حينئذ بين طرفي الحمل ، لكنه خارج عن محل الكلام ، لعدم اختصاص الاختلاف بينهما بالإجمال والتفصيل.
كما استشكل فيه بعض مشايخنا : بأن مفاد الحمل الأوّلي هو اتحاد ذات
__________________
(١) بناء على ما يظهر من بعضهم من كونه من أفراد الحمل الأولي الذاتي. وربما أنكره بعضهم مدعيا أنه نحو آخر من الحمل ، وهو غير مهم بعد رجوعه لتحديد الاصطلاح ، وشمول محل الكلام لواقع الحمل المذكور وإن لم يكن من القسم المزبور اصطلاحا.