الثاني : وجود اعتباري تابع لاعتبار من بيده الاعتبار من شرع أو عرف أو سلطان المتفرع على الوجود الأول إذا صدر ممن له السلطنة بنظره ، كالمالك الكامل في المعاملات المالية ، ومرجعه إلى إمضاء التزامه ، لما أشرنا إليه من أن الإمضاء لا يكون إلا مع تطابق حكم الممضي مع موضوع الالتزام الممضى مفهوما.
وبذلك تختلف مضامين المعاملات عن بقية الامور الاعتبارية التي يكون الحكم بها تابعا لتحقق موضوعها ، من دون أن يبتني على الإمضاء ، كالضمان بسبب الإتلاف ، والميراث بسبب الموت ، واستحقاق النفقة بسبب الزوجية ، فإنه لا يكون لها إلا النحو الثاني من الوجود ، وهو الوجود الاعتباري ممن بيده الاعتبار ، لعدم رجوع موضوعاتها للنحو الأول منه ، بل هي مباينة سنخا ومفهوما لها.
وحيث كان الوجود الأول لمضامين المعاملات موضوعا للوجود الثاني صح إطلاق السبب عليه عرفا ، كسائر الموضوعات بالإضافة لأحكامها ، ولا يصح إطلاقه على العقد ـ مثلا ـ إلا بلحاظ سببيته لذلك الوجود الادعائي ، لكونه آلة له ، نظير نسبة سببية الضمان للإلقاء في النار ، بتوسط سببيته للإتلاف الذي هو الموضوع حقيقة.
هذا ، ولا يخفى أن غالب أسماء المعاملات حاك عن إيجاد مضامينها وإيقاعها على موضوعاتها كالبيع والإجارة والمزارعة والتزويج والطلاق والوقف وغيرها ، فإنها مصادر لأفعال متعدية فاعلها موقع تلك المضامين على موضوعاتها ، لا لأفعال لازمة فاعلها نفس الموضوعات.
وحينئذ إن كان المحكي بها الوجود الأول ـ الذي عرفت أنه السبب