وكيف كان ، فلا ينبغي التأمل فيما ذكرنا ، وإن أطال غير واحد في استطراد حجج القولين بما لا مجال للتعرض له بعد ما سبق ، لظهور ضعفها بأدنى تأمل.
نعم ، قد يستدل على التكرار مع قطع النظر عن مفاد الأمر تارة : بقوله (صلّى الله عليه وآله) : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».
وأخرى : باستصحاب وجوب الطبيعة بعد الاتيان بها مرة.
ويظهر اندفاع الأول مما ذكرناه في تعقيب الاستدلال بالحديث على قاعدة الميسور من ضعفه في نفسه وظهوره في الاستحباب.
وأما الثاني فهو ـ مع أنه لا يقتضي لزوم التكرار إلا بناء على الفور ، وإلا فلا يمنع من الاكتفاء بالمرة في آخر الوقت ، كما لا يخفى ـ مندفع : بأن فرض تعلق الوجوب بالطبيعة على إطلاقها مستلزم للعلم بسقوطه بالمرة كما يأتي. واحتمال بقاء الوجوب إنما يكون لاحتمال تعلقه بالطبيعة بقيد التكرار الذي سبق أنه مخالف للإطلاق والأصل.
تنبيهان
الأول : بناء على ما ذكرنا من تعلق الأمر بالطبيعة من حيث هي من دون تقييد بمرة أو تكرار ، سواء أحرز عدم التقييد بالإطلاق أم بالأصل ، فلا إشكال في تحقق الامتثال بفرد واحد ، لصدق الطبيعة به.
وكذا بأفراد متعددة إذا كانت في دفعة واحدة ـ بأن يفرغ منها في زمان واحد ـ لصدق الطبيعة المرسلة عليها بعين صدقها على الفرد الواحد.
وإليه يرجع ما قيل من الاكتفاء في الامتثال بصرف الوجود الصادق على القليل والكثير.