للإرادة التكوينية سنخا وإن كانت في بعض الموارد مسببة عنها. إذ المحبوبية من شئون الإرادة التكوينية ، لا من شئون الخطاب بالوجه المذكور ، مع أنه لا إشكال في أنه يكفي في التقرب المعتبر في التعبدي قصد امتثال التكليف المنتزع من الإرادة التشريعية المذكورة.
قلت : المراد بملاك المحبوبية ما يعم ملاك التكليف الموجب للإرادة التشريعية ، فكما أن قصد ملاك المحبوبية الموجب للإرادة التكوينية يكون مقربا من باب تقرب المحسن بإحسانه لمن أحسن إليه ، كذلك قصد ملاك الإرادة التشريعية يكون مقربا من باب تقرب العبد للمولى والمكلّف للمكلّف ، فإذا علم العبد بثبوت الملاك بالنحو المذكور وبلوغه مرتبة جعل التكليف كفى قصده في تقربه من المولى بما هو مولى ، وإن لم يخاطبه المولى ـ تبعا للملاك المذكور ـ لمانع من غفلة أو عجز أو نحوهما ـ لو كان ممكنا في حقه ـ لأن ذلك كاف في حسن الطاعة أو وجوبها ، ولا يتوقف وجوبها وحسنها على الخطاب فعلا ، كما يظهر بأدنى تدبر في المرتكزات العقلائية.
وعليه يبتني ما ذكروه في مسألة الضد من إمكان التقرب بالمهم بقصد الملاك ، فيصح لو كان عبادة ، وإن قيل بعدم الأمر به بسبب المزاحمة للأهم وعدم ثبوت الأمر الترتبي ، على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
ومن هنا ظهر أن مقربية قصد الامتثال إنما هي لكونه في طول قصد ملاك المحبوبية ، فهو راجع إليه. كما أن قصد المصلحة إن اريد به قصدها بما هي هي فهو ليس مقربا من المولى ، لعدم دخله به ، وإن اريد به قصدها بما أنها ملاك للتكليف المولوي فهو عبارة اخرى عما ذكرناه من قصد ملاك المحبوبية.