ففي صحيح هارون بن خارجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «قال : العبادة [ان العباد] ثلاثة : قوم عبدوا الله عزّ وجل خوفا ، فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الاجراء ، وقوم عبدوا الله عزّ وجل حبا له ، فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة» (١) ، وقريب منه غيره ، لكنه أمر آخر لا ينافي الإجزاء الذي نحن بصدده ، بل يستلزمه.
هذا ، وقد يستظهر من غير واحد ممن منع من التقرب مع قصد جلب المحبوب ودفع المكروه إرادة قصده عوضا بلا توسط قصد التحبب للمولى بفعل ما يحبه ، بل هو صريح بعضهم.
كما أن من القريب ان يكون مراد من بنى على الصحة معه إرادة ما ذكرناه من كون قصده في طول قصد ملاك المحبوبية للتحبب للمولى ، كما هو صريح بعضهم.
ومن ثم لا يبعد اختلاف موضوع النزاع ، المستلزم لعدم كون النزاع حقيقيا ، إلّا أن يرجع للنزاع في إمكان اجتماع القصدين أو التنافي بينهما.
ولا مجال لاستقصاء كلماتهم ، والمهم ما ذكرناه من التفصيل.
ثم إن الظاهر ابتناء عمل المتشرعة مع قصد جلب الثواب ودفع العقاب الاخرويين على الوجه الذي ذكرناه الراجع إلى كون ترتبهما فرع التحبب بالعمل للمولى ، ليكون العبد أهلا لرحمته وبعيدا عن نقمته ، لأن ذلك هو الوجه في ترتبهما حسب ارتكازياتهم.
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٩ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث : ١.