ومن ثم كان ظاهر القضية آبيا عن التخصيص ارتكازا ، لوضوح أن الآبي عنه هو المعنى الأول الارتكازي.
على أن هذا المعنى هو المتعين من قولهم عليهم السلام : «إنما الأعمال بالنيات» و «لكل امرئ ما نوى». لظهورها في اختلاف العمل باختلاف النية ، لا في نفي العمل عند عدمها ، ليصلح للحمل على عدم الإجزاء بدونها.
ومن الغريب ما في الجواهر من الاستدلال بالنبوي : «إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى ، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزّ وجل ، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلّا ما نوى» (١) ، مع صراحته في إرادة الثواب ، ووروده في الجهاد الذي هو توصلي.
رابعها : ما تضمّن الأمر بالإطاعة ، بدعوى : أن الإطاعة لا تكون إلّا بقصد الامتثال ، فيصلح لتقييد الإطلاق المقتضي للتوصلية.
وفيه : أن الظاهر من الإطاعة في المقام محض الموافقة في مقابل المخالفة ، فتكون الأوامر المذكورة للإرشاد ، كما يظهر من مقابلته بالمخالفة في مثل قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(٢) ومن عطف الرسول وحده أو مع أولي الأمر في كثير من الآيات ، مع وضوح عدم اعتبار قصد امتثال أمر غيره تعالى.
ويناسبه ظهور الأوامر المذكورة في مطلوبية الإطاعة استقلالا ، لا في
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث : ١٠.
(٢) سورة التغابن : ١٢.